للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العاريةَ أيضًا مضمونةٌ. وأما المؤجَّرُ فأمانةٌ، لا يُضمَنُ إلا بالتعدي أو التفريطِ (١)، فإنِ انتفعَ المرتهنُ بالرهنِ بغيرِ إذنِ الراهن، فعليهِ أجرتُه في ذمتِه (٢)؛ كالغاصبِ. فإنْ كانتْ من جنسِ الدين، سقطَ منهُ بقدرِها بالمقاصَّة، بشرطِهَا (٣). وإن تلفَ الرهنُ في هذهِ الحالةِ ضمنَه (٤)؛ لتعديه.

(وَمَؤُنَةُ الرَّهْنِ) منْ طعامِه، وكسوتِه، ومسكنِه، وحافظِه، وكفنِه، إذا ماتَ وبقيةُ تجهيزِه بالمعروف، (وَأُجْرَةُ مَخْزَنِهِ) إن كانَ مخزونًا، (وَأُجْرَةُ رَدِّهِ) أي: ردِّ المرهونِ (مِنْ إِبَاقَةِ) الرقيق، (عَلَى مَالِكِهِ) (٥) وكذا أجرةُ سقيِه، وتلقيحُهُ، وزِبارُه - وهو قطعُ الأغصانِ الرديئةِ (٦) - وجذاذُه، ورعيُ ماشيتِه، وثمنُ دوائِه، وأجرةُ مداويه، وخاتنِه (٧)؛ لحديثِ أبي هريرةَ: أنَّ النبيَّ قالَ: "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيهِ غُرْمُهُ" (٨). رواهُ


(١) لأن يد المستأجر على المؤجر يد أمانة. انظر: الشرح الكبير ٦/ ١٢٨، المبدع ٥/ ١١٣، كشاف القناع ٤/ ٣٧.
(٢) انظر: الكافي ٢/ ١٤٩، الإقناع ٢/ ٣٣٧.
(٣) انظر: المغني ٦/ ٥١٣، كشاف القناع ٣/ ٣٥٦. وتقدم ذكر شروط المقاصة في الدين. في نهاية باب السلم.
(٤) انظر: الكافي ٢/ ١٤٩، الإقناع ٢/ ٣٣٧، حاشية الروض المربع ٥/ ٩٢.
(٥) انظر: المستوعب ٢/ ٢٠٧، الشرح الكبير ٤/ ٤٠٧، الرعاية الصغرى ١/ ٣٤٦، الوجيز ١٩٧، الفروع ٦/ ٣٧٥.
(٦) قال في المطلع: "لم أره في كتب اللغة، وكأنه مولَّد، وهو في عُرف أهل زماننا: تخفيف الكرم من الأغصان الرديئة وبعض الجيدة، يقطعها بمنجل ونحوه، قال ابن القطاع: زبرت الشيء: قطعته". قلت: ويمكن أن يكون أصله: الزبرة، وهو القطعة من الحديد، واستشهد له ابن منظور بقوله تعالى: ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ زُبُرًا﴾ [المؤمنون: ٥٣]، أي: قِطَعًا. قاله الفراء والزجاج. انظر: المطلع ٢٦٣، الصحاح ٢/ ٦٦٧، لسان العرب ٤/ ٣١٥، تفسير البغوي ٥/ ٤٢٠.
(٧) انظر: الكافي ٢/ ١٤٦، المغني ٦/ ٥١٨، الإقناع ٢/ ٣٢٤.
(٨) أخرجه الشافعي في الأم بإسنادين: أحدهما: مرسل عن سعيد بن المسيَّب (١٦١٤) ٣/ ٣٤٥. والآخر: موصولًا عن أبي هريرة (١٦١٥) ٣/ ٣٤٦.
وأخرجه الحاكم (٢٣١٥) ٢/ ٥٨، وابن حبان (٥٩٣٤) ١٣/ ٢٥٨، والبيهقي (١١٥٥٠) ٦/ ٣٩، والدارقطني (١٢٦) من كتاب البيوع ٣/ ٣٢ كلهم من طريق الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وابن عبد البر في التمهيد ٦/ ٤٢٥، والدارقطني في سننه ٣/ ٣٢، والبيهقي في معرفته ٨/ ٢٢٩. ورجح إرساله: الدارقطني =

<<  <  ج: ص:  >  >>