للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمْ يبرأِ الكفيلُ (١) -، برئَ الكفيلُ (٢)، ولو لمْ يُشهِدْ على امتناعِه (٣). وقالَ القاضي: "يرفعُه إلى الحاكمِ فيسَلمُه إليه، فإن لمْ يجدْه أشهَدَ" (٤). قالَ الشيخُ - يعني: شيخَ الإسلام، الشيخَ تقيَّ الدينِ ابنَ تيميةَ - رحمَهُ اللهُ تعالَى -: "إِنْ كانَ المكفُولُ فِي حبسِ الشرع، فسلمَهُ إليهِ فيه، برئَ إن كانَ يمكِّنُه الحاكمُ منَ الإخراجِ ليحَاكمَ غريمَه، ثمَّ يردُّه إلى الحبسِ". انتهى (٥). وإن كانَ المكفولُ محبوسًا عندَ غيرِ حاكمِ الشرع، لم يلزمِ الكفيلَ تسليمُ المكفولِ عنهُ في هذهِ الحالةِ (٦)؛ لأنَّ هذَا الحبسَ يمنعُ ربَّ الدينِ استيفاءَ حقَّه، فلا أثرَ لتسليمِه. وإنِ اشترطَ كفيلٌ البراءةَ منَ المالِ إن تعذرَ إحضارُه عليه، فلا يضمن المالَ الذي على المكفولِ عنهُ (٧)؛ لحديثِ: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ" (٨).

تنبيهٌ: لو قالَ الكفيلُ في الكفالةِ: إن عجزتُ - أو متى عجزتُ - عنْ إحضارِه كانَ عليَّ القيامُ بما أقرَّ به، قالَ العلامةُ ابنُ نصرِ الله: "لمْ يبرأْ بموتِ المكفول، ويلزمُه ما عليهِ" (٩). (وَإِنْ) كانَ المكفولُ بهِ غائبًا غَيبةً تُعلمُ، غيرَ منقطعةٍ، بموضعٍ معلومٍ، أُمهلَ الكفيلُ بقدرِ ما يمضِي إلى محلِّ المكفولِ به، ويحضرُه منهُ (١٠). وسواءٌ كانتِ المسافةُ قريبةً أم بعيدةً. وان لم تُعلَمْ في الغيبةِ خبرُه، لزمهُ


(١) ولم يلزم المكفول له تسلُّمه. انظر: المستوعب ٢/ ٢٣١، المغني ٧/ ٩٩، التنقيح المشبع ١٤٦.
(٢) انظر: الشرح الكبير ٥/ ١٠٢، المبدع ٤/ ٢٦٥، كشاف القناع ٣/ ٣٧٨.
(٣) انظر: المغني ٧/ ١٠٠، الإقناع ٢/ ٣٥٤، وقدمه في المبدع ٤/ ٢٥٦. وهو ظاهر كلام الإنصاف ٥/ ٢١٤.
(٤) نقله عنه في المغني ٧/ ١٠٠، والمبدع ٤/ ٢٥٦.
(٥) انظره في: مجموع الفتاوى ٢٩/ ٥٥٤، الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية ١٩٦.
(٦) انظر: الشرح الكبير ٥/ ١٠٤، الإقناع ٢/ ٣٥٢. ونقله في الفروع عن ابن عقيل، وذكر أنه قياس المذهب ٦/ ٤٠٧. وقد تقدم أنه يشترط في تسليم المكفول به أن لا تكون هناك يد حائلة ظالمة.
(٧) انظر: الإنصاف ٥/ ٢١٦، غاية المنتهى ٢/ ١١٢، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٣٣.
(٨) تقدم تخريجه. راجع: ص ٥٩٣.
(٩) نقله عنه في شرح المنتهى لمصنفه ٤/ ٤١٥. وفي شرح الإقناع ٣/ ٣٧٩.
(١٠) فإن أحضره وإلا لزمه ما عليه. انظر: الكافي ٢/ ٢٣٥، الشرح الكبير ٥/ ١٠٥، الفروع ٦/ ٤٠٧، التوضيح ٢/ ٦٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>