للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ لَهُ حَقُّ مَاءٍ يَجْرِي عَلَى سَطْحِ جَارِه، لَمْ يَجُزْ لِجَارِهِ تَعْلِيَةُ سَطْحِهِ لِيَمْنَعَ جَرْيَ الماءِ) علَى سطحِه (١)؛ لأنهُ إبطالٌ لحقِّ جارِه. وكذَا ليسَ له تعليتُه ليكثرَ ضررُ جارِه (٢)، ولو كثرَ ضررُه بجريانِ الماءِ على سطحِهِ (٣)؛ لأنَّ الضررَ لا يُزال بالضررِ. فعَن عائشةَ - رضيَ اللهُ تعالَى عنهَا - قالَت: قَال : "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوْصِيني بِالْجَارِ حَتَّى ظنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ" (٤).

(وَحَرُمَ عَلَى الْجَارِ أَنْ يُحْدِثَ بِمُلْكِهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ" (٥)، (كحَمَّام) (٦) يتأذَّى جارُه بدخانِه، أو ينضرُّ حائطُه بمائِه، ومثلُه مطبخُ سُكرٍ، (وَكنِيفٍ) (٧)، أو بالوعةٍ، لتأذِّي جارَه بريحِه، أو يصلَ إلى بئرِهِ. فإنِ ادعَى فسادَ بئرٍ بكَنِيفٍ، أو بالوعةٍ، اختُبِرَ بالنفط، فيُلقَى فيهَا، فإنْ ظهرَ طعمُه أو ريحُه بالماء، نُقلِتَا إن لم يمكِن إصلاحُهما بنحوِ بناءٍ، أو غيرِه (٨). هذَا إذا كانتِ البئرُ أقدمَ منهَا (٩). مِن "حاشيةِ المنتهَى" (١٠). (وَ) أن يُحدِثَ (رَحًى) يهتزُّ بها حيطانُه، (وَتَنُّورًا) يتعدَّى دخانُه إليه، وكذا دكانَ حِدادةٍ، وقِصَارةٍ، يتأذَّى بدَقِّه بهزِّ الحيطان، لحديثِ: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" (١١)، وهذا إضرارٌ بجارِه. (وَلَهُ) أي: للجارِ (مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ) الذِي يتضررُ


(١) انظر: الفروع ٦/ ٤٤٣، الإقناع ٢/ ٣٨١، غاية المنتهى ٢/ ١٢٦.
(٢) انظر: الإنصاف ٥/ ٢٦٤، منتهى الإرادات ١/ ٣٠٢، كشاف القناع ٣/ ٤١١.
(٣) انظر: الإقناع ٢/ ٣٨١، كشاف القناع ٣/ ٤١١.
(٤) متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب الوصاة بالجار (٦٠١٤) ٥/ ٢٢٣٩، ومسلم - واللفظ له - في كتاب البر والصلة (٢٦٢٤) ٤/ ٢٠٢٥.
(٥) انظر: المستوعب ٢/ ٢٤٩، الكافي ٢/ ٢١٧، الرعاية الصغرى ١/ ٣٦٣، الوجيز ٢٠٥.
(٦) الحمَّام - بالتشديد -: هو بيت الاغتسال. وهو يعتمد على تنظيف الجسم باستخدام الهواء الساخن، وذلك أن المستحِم يدخل أولًا غرفة تعرُّقٍ ذات جوٍّ جاف، ثم ينتقلون إلى غرفة بها بخار رطب يجعل المستحمين يفرزون العرق بغزارة، ثم يغسل الجسم بالماء والصابون. انظر مادة: (حمم)، تهذيب اللغة ٤/ ١١ المعجم الوسيط ١/ ٢٠٠، الموسوعة العربية العالمية، مادة: (الحمام التركي).
(٧) الكَنِيف: هو الخلاءُ - المرحاض -، ومحل قضاء الحاجة، أصله: الساتر، ثم استعير على موضعِ الحاجة؛ لأنه يستر صاحبه، كأنه كُنِف في أستر النواحي. انظر مادة: (كنف)، العباب الزاخر ٢/ ٩، تاج العروس ٢٤/ ٣٣٦، المطلع ١١.
(٨) انظر: المستوعب ٢/ ٢٥٠، الإنصاف ٥/ ٢٦٠، كشاف القناع ٣/ ٤٠٩.
(٩) سيأتي ذكر هذه المسألة بالتفصيل.
(١٠) انظره في: ١/ ٧٤٩.
(١١) هذا الحديث يُروى من عدة طرق عن الصحابة: =

<<  <  ج: ص:  >  >>