للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهُ (١). قالَ الشيخُ تقيُّ الدينِ : "بخِلافِ طبخٍ، وخَبزٍ فيه - أي: في ملكِه - فليسَ للجارِ منعُه منهُ؛ لدُعاءِ الحاجةِ إليه، وللضرورةِ" (٢). وكذَا يحرمُ على الجارِ حفرُ بئرٍ ينقطعُ بها ماءُ بئرِ جارِه، وإشعالُ نارٍ يتعدَّى إليه، ونحوُ ذلكَ مما يؤذيهِ (٣) وإن كانَ هذا الذي يحصلُ منه الضررُ للجارِ - من حمامٍ ورحىً وغيرِهما - سابقًا على ملكِ الجار، مثل من لهُ في ملكِه مدبغةٌ، أو تنورٌ، ونحوُهما، فأحيَا إنسانٌ إلى جانبِه مَواتًا، أو بنَى بجانبِه دارًا، أو نحوَه، أو اشترَى دارًا بجانبِه، بحيثُ أنَّ صاحبَ الملكِ المحدَثِ يتضررُ بالمدبغةِ والتنورِ ونحوِهما، لم يلزمْ صاحبُهما إزالتَه (٤)؛ لأنهُ لم يحدثْ بملكِه، وإنما كانَ موجودًا.

تتمةٌ: وقالَ شيخُ الإِسلامِ - الشيخُ تقيُّ الدينِ ابنُ تيميةَ -: "ومَن كانَتْ لهُ مسَاحةٌ يُلقَى فيهَا الترابُ والحيوانُ الميتُ، وتضررَ الجيرانُ بذلكَ، فإنهُ يجبُ على صاحبِها أَن يدفعَ ضررَ الجيران، إما بعمارتِها، أو بإعطائِها لمن يعمرُها، أو بمنعِ أن يلقَى فيها ما يضرُّ بالجيرانِ" (٥).

(وَيَحْرُمُ) على الجارِ (التَّصَرُّفُ في جِدَارِ جَارٍ) ولو (مُشْتَرَكـ) ـًا،


= منها: عن عبادة بن الصامت قالَ: "قضَى رسولُ الله أنْ لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ". أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام، باب من بني في حقه ما يضر جاره (٢٣٤٠) ٢/ ٧٨٤. ومنها: عن ابن عباس عند أحمد في المسند (٢٨٦٥) ٥/ ٥٥، وابن ماجه في الموضع السابق نفسه (٢٣٤١) ٢/ ٧٨٤.
ومنها: عن عائشة عند الدارقطني (٨٣) من كتاب الأقضية والأحكام ٤/ ٢٢٧.
وطرقه زادت على عشر طرق، ولا يخلو بعضها من ضعفٍ. ولكن مجموعها يقوي الحديث ويحسنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم، وقول أبي داود: "إنه من الأحاديث التي يدور عليها الفقه" يُشعِرُ بكونه غيرَ ضعيف. وقد حسنه النووي، وابن رجب، المناوي، والعلائي، وجماعة أهل الحديث. انظر: جامع العلوم والحكم ٣٠٤، فيض القدير ٦/ ٤٣١، إرواء الغليل ٣/ ٤١٣.
(١) انظر: الفروع ٦/ ٤٤٩، التنقيح المشبع ١٤٩، منتهى الإرادات ١/ ٣٠٢.
(٢) لم أجده عن الشيخ تقي الدين. ولم يحكه عنه شيخه البهوتي ولا غيره. وانظر في المسألة: المبدع ٤/ ٢٩٨، التوضيح ٦٨٢، الإقناع ٢/ ٣٧٨.
(٣) انظر: الكافي ٢/ ٢١٧، الشرح الكبير ٥/ ٥١، غاية المنتهى ٢/ ١٢٥.
(٤) انظر: المغني ٨/ ١٨٢، الإقناع ٢/ ٣٧٨، غاية المنتهى ٢/ ١٢٦.
(٥) انظره في: الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>