للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: الزكاة، حيثُ جوزَ العملَ عليهَا، وهو بحكمِ النيابةِ عنِ المستحقِّينَ، ولفعلِه (١)، ولدعاءِ الحاجةِ إليهَا، إذ لا يمكنُ كلُّ أحدٍ فعلَ ما يحتاجُ إليهِ بنفسِه.

(لَا) أي: لا تصحُّ الوكالةُ (فِيمَا لَا تَدْخُلُه النِّيَابَةُ)، مِن حقوقِ الله تعالَى، وحقوقِ الآدميينَ، (كَصَلَاةٍ، وَصَوْمٍ، وَحَلْفٍ، وَطَهَارةٍ مِنْ حَدَثٍ) (٢)؛ لتعلقِها ببدنِ الفاعلِ ممَّنْ تلزمُه. والحاصلُ: أنَّ الحقوقَ ثلاثةُ أنواعٍ، نوعٌ تصحُّ الوكالةُ فيهِ مطلقًا، وهوَ: ما تدخلُه النيابةُ من حقوقِ الله تعالَى، وحقوقِ الآدميينَ. ونوعٌ لا تصحُّ الوكالةُ فيهِ مطلقًا، كالصلاة، والصوم، والطهارةِ. ونوعٌ تصحُّ فيهِ معَ العجزِ عنهُ، دونَ القدرة، كحجَّ فرض وعمرتِه. (وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ مُنَجَّزَةً) أي: في الحالِ (٣). (وَ) تصحُّ (مُعَلَّقَةً) (٤)، كإذَا قدمَ الحاجُّ فخذْ كذا، أو إذا جاءَ الشتاءُ فاشترِ كذَا، أو إذا طلبَ أهلِي شيئًا فادفعْهُ، أو خذ لهم، ونحوِ ذلكَ. (وَ) تصحُّ (مُؤَقَّتَةً)، كأنتَ وكيلي شهرًا، أو سنةً، ونحوِ ذلكَ (٥).

(وَتَنْعَقِدُ) الوكالةُ (بِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَيهَا) أي: على الوكالة، (مِنْ قَوْلٍ)، كوكَّلْتكَ في كذَا (٦) وينعقدُ أيضًا بكلِّ قولٍ يدلُّ على إذنٍ (٧)، كبعْ عَبديَ فلانًا، أو أعتقْهُ، ونحوِ ذلكَ، أو فوضْتُ إليكَ أمرَه، أو جعلتُكَ نائبًا عني في كذَا، أو أقمتُك مقامِي؛ لأنه لفظٌ دلَّ على الإذن، فصحَّ؛ كلفظِها الصريحِ. قالَ في "الفروعِ": " (وَ) دلَّ كلامُ القاضي علَى انعقادِهَا - أي: الوكالةِ - بكلَ (فِعْلٍ) دالٍّ؛ كبيعٍ - وهوَ ظاهرُ كلامِ الشيخِ تقيِّ الدينِ -. وكمَن دفعَ ثوبَه إلى قصارٍ،


(١) تقدمت الإشارة إلى ذلك.
(٢) أما الطهارة من الخبث في البدن، والثوبِ، وغيرهما، فتصح فيها الوكالةُ. وكذا تصح في الطهارةِ في صبِّ الماء، وإيصاله إلى الأعضاء. انظر: الكافي ٢/ ٢٤٠، الشرح الكبير ٥/ ٢٠٨، الفروع ٧/ ٣٦.
(٣) انظر: شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٨٤، مطالب أولي النهى ٣/ ٤٢٨.
(٤) انظر: المستوعب ٢/ ٢٧٧، المغني ٧/ ٢٠٤، الإقناع ٢/ ٤١٩.
(٥) انظر: المحرر ١/ ٣٤٩، الفروع ٧/ ٣٥، معونة أولي النهى ٤/ ٦٠٣.
(٦) انظر: الممتع ٣/ ٣٥١، المبدع ٤/ ٣٥٥، الإنصاف ٥/ ٣٥٣.
(٧) انظر: المستوعب ٢/ ٢٧٧، المقنع ١٩١، الفروع ٧/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>