للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتمة: يسن طلب الدعاء من المريض (١)؛ لما رواه ابن ماجة، عن ميمون بن مهران (٢)، عن عمر - ولم يدركه - مرفوعًا "سلوه الدعاء؛ فإن دعائه كدعاء الملائكة" (٣).

ولا بأس بإخبار المريض بما يجده من الوجع، بلا شكوي، وذلك بعد حمد الله تعالى (٤). ويستحب للمريض، وكل مبتلى، أن يصبر صبرًا جميلًا، وهو الصبر بلا شكوى إلى المخلوق (٥)، والشكوى إلى الخالق لا تنافيه، بل هي مطلوبة (٦). وأجيب عن قوله: ﴿يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٨٤] بوجهين:

أحدهما: أنه شكا إلى الله تعالى، لا منه.

والثاني: أنه أراد به الدعاء؛ فالمعنى يا رب ارحم أسفي على يوسف (٧).

ومن الشكوى إلى الله تعالى، قول أيوب: (٨) ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٣]، وقول يعقوب: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٦].

قال سفيان بن عيينة (٩): "وكذلك من شكا إلى الناس، وهو في شكواه راض


(١) ينظر: الفروع ٣/ ٢٦١، كشاف القناع ٤/ ١٨، مطالب أولي النهى ١/ ٨٣٠.
(٢) هو: الإمام، القدوة، أبو أيوب، ميمون بن مهران الجزري الرقي ، ولد سنة أربعين، روى عن عائشة، وأبي هريرة، وابن عمر، وأرسل عن عمر، والزبير ، وحدَّث عنه الأوزاعي، وحجاج بن أرطاة، ومعقل بن عبيد الله. مات سنة سبع عشرة ومائة. ينظر: تذكرة الحفاظ ١/ ٩٨، طبقات الحفاظ ص ٤٦.
(٣) سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عيادة المريض، رقم (١٤٤١)، ١/ ٤٣٦، ولفظه: "إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك؛ فإن دعاءه كدعاء الملائكة لما، قال البوصيري في مصباح الزجاجة ٢/ ٢١: "رجاله ثقات، إلَّا أنه منقطع"، وقال الألباني في الضعيفة رقم (١٠٠٤): "ضعيف جدًّا".
(٤) ينظر: كفاية المبتدي ١/ ٨٩، الإقناع ١/ ٣٢٨، غاية المنتهى ١/ ٢٥٩.
(٥) ينظر: زاد المسير ٤/ ١٩٣.
(٦) ينظر: الفروع ٣/ ٢٥٦، الإقناع ١/ ٣٢٨، غاية المنتهى ١/ ٢٥٩.
(٧) ينظر: زاد المسير ٤/ ٢٧٠.
(٨) في الأصل: (رب)، وهي ليست من الآية.
(٩) هو: الحافظ، محدث الحرم، أبو محمد، سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي ، ولد سنة سبع ومائة، روى عن عمرو بن دينار، والزهري، ومحمد بن المنكدر، وعنه الشافعي، وابن المديني، وابن معين، وقد حج سبعين سنة. مات بمكة سنة ثمان وتسعين ومائة. ينظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>