للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صالحٍ (١). قالَ: "لأنهُ آخرُ مَا أمرَ بهِ النَّبيُّ " (٢). ففِي "الصحيحينِ": أنهُ أمرَ أصحَابَه لما طَافُوا وسَعَوا أن يجعَلُوهَا عمرَةً إلَّا مَنْ سَاقَ هَديًا (٣)، وثبتَ علَى إحرامِه؛ لسَوْقِه الهديَ (٤)، وتأسَّفَ بقولِه: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِيْ مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الهَدْيَ وَلَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ" (٥)، ولا يَنقلُ أصحابَه إلا إلى الأفضلِ، ولا يتأسفُ إلا عليهِ. ومَا أجيبَ بهِ عنهُ- منْ أنهُ؛ لاعتقادِهم عدمَ جوازِ العمرةِ في أشهرِ الحجِّ مردودٌ بأنهم لم يعتقدُوه. ثمَّ لو كانَ كذلكَ لم يخصَّ به منْ لم يسُقِ الهديَ؛ لأنهم سواءٌ في الاعتقادِ. ثمَّ لو كانَ كذلكَ لمْ يتأسفْ هو؛ لأنهُ يعتقدُ جوازَ العمرةِ في أشهرِ الحجِّ، وجَعلَ العلةَ فيه سَوقَ الهديِ. ولما في التمتعِ من اليسير والسهولةِ، معَ كمالِ أفعالِ النسكَينِ (٦). (أَوْ) منْ أن (يَنْوِيَ الإِفْرَادَ)؛ لأنَّ فيهِ


(١) هو: أبو الفضل، صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني، تقدمت ترجمته في الجزء الأول.
(٢) انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه أبي الفضل صالح ٢/ ١٤٤، وانظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ١/ ٢٠١، مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق بن منصور ٥/ ٢١١٦.
(٣) ثبت ذلك من حديث جابر قال: "أَقبَلْنا مُهِلِّينَ مَعَ رسُولِ الله بِحجِّ مُفْرِدٍ .. - وفيه: - حتَّى إذَا قَدِمْنا طُفْنَا بِالكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالمَروَةِ فأَمَرَنَا رسُولُ الله أَن يَحِلَّ مِنَّا مَن لم يَكُنْ مَعهُ هَدْيٌ قالَ: فقلنَا: حِلُّ مَاذَا؟ " قال: "الحلُّ كلُّهُ". أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب التمتع والقران والإفراد (١٥٦٨) ٢/ ٥٦٨، ومسلم -واللفظ له- في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام. (١٢١٣) ٢/ ٨٨١.
(٤) جاء ذلكَ من حديثِ حفصةَ : "أنَّ النبيَّ أمرَ أزواجَه أن يَحلِلْنَ عَامَ حَجةِ الوَدَاعِ". فقَالت حفصةُ: فما يَمنَعُكَ؟ فقالَ: "إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَسْتُ أَحِلُّ حَتَى أَنحَرَ هَدْيِي" متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب التمتع والإفراد والقران، (١٥٦٦) ٢/ ٥٦٧، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحج المفرد (١٢٢٩) ٢/ ٩٠٢.
(٥) أخرجه البخاري من حديث عائشة في كتاب التمني، باب قول النبي : "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدَبَرْتُ"، لكن بلفظ: "وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِيْنَ حَلُّوا" (٧٢٢٩) ٦/ ٢٦٤٢، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام بلفظ: "ثُمَّ أُحِلُّ كَمَا حَلُّوا" (١٢١١) ٢/ ٨٧٩.
(٦) انظر في أدلة أفضيلة التمتع: المغني ٥/ ٨٢ وما بعدها، شرح الزركشي ١/ ٤٧٦، الفروع ٥/ ٣٣١ وما بعدها، حاشية الروض المربع ٣/ ٥٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>