للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني، هل أحرمَ الأولُ؟ فكمَا لو لم يحرمْ؛ لأنَّ الأصلَ عدمُه، فينعقدُ إحرامُه مطلَقًا، فيصرفُه لما شاءَ (١). ولو كانَ إحرامُ الأولِ فاسدًا -بأنْ وطِئَ فيهِ-، فكنذرِه عبادةً فاسدةً، فينعقدُ إحرامُ الثانِي بمثلِه، حيثُ ما أحرمَ به الأولُ معلومٌ (٢).

ومنْ أحرمَ بنسكٍ ونسيَهُ، أو بنذرٍ ونسيَه، قبلَ أن يطوفَ، صرفَهُ إلى عمرةٍ وغيرِها (٣). لكنْ يستحبُّ أنْ يصرفَه للعمرةِ (٤). فإن صرفَهُ إلى قرانٍ أو إفرادٍ، صحَّ حجًا فقطْ (٥)؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ المنسيُّ حجًا، فلا يصحُّ إدخالُ عمرةٍ عليهِ، فلا تسقطُ بالشكِّ. ولا دمَ عليهِ (٦). ويصحُّ إنْ صرفَه إلى تمتعِ (٧)؛ لأنه كفسخِ حجٍّ إلى عمرةٍ. لكنْ إن لم يكنْ وقفَ بعرفةَ، ولمْ يكنْ ساقَ هديًا (٨)؛ لأنَّ غايتَه أن يكونَ أحرمَ قارِنًا أو مفرِدًا. ولهما الفسخُ -كَما تقدمَ (٩) -. ويلزمُه دمُ متعةٍ بشروطِه (١٠). وإن نسيَ ما أحرمَ بهِ، أو نسيَ نذرَه بعدَ الطوافِ، ولا هديَ معهُ، يتعينُ صرفُه إلى العمرةِ (١١)؛ لامتناعِ إدخالِ الحجِّ عليهَا إذًا لمنْ لا هديَ معهُ. فإنْ حلقَ بعدَ سعيِه معَ بقاءِ وقتِ الوقوفِ، يحرمُ بحجٍّ، ويتفُه (١٢)، وعليه للحلقِ دمٌ، إن تبينَ أنه كانَ حاجًا (١٣)، وإن


(١) انظر: المغني ٥/ ٩٨، المبدع ٣/ ١٣٠، الإنصاف ٣/ ٤٤٩، غاية المنتهى ١/ ٣٦٩.
(٢) أي: ينعقد بمثل النسك الذي أحرم به الأول، لكنه يكون على الوجه المشروع. انظر: الشرح الكبير ١١/ ٣٤٤، معونة أولي النهى ٣/ ٢٤٢، كشاف القناع ٢/ ٤١٧.
(٣) انظر: الكافي ١/ ٣٩٣، المحرر ١/ ٢٣٦، منتهى الإرادات ١/ ١٨١.
(٤) لأنها اليقين، ولأنه يُستحب له ذلك مع العلم بنُسكه، فمع النسيان أولى، ولأنه جائز على كل تقدير. وهو ظاهر كلام الإمام أحمد. انظر: الهداية ١٠٩، الشرح الكبير ٣/ ٢٥٢، الفروع ٥/ ٣٨١.
(٥) انظر: الشرح الكبير ٣/ ٢٥٢، الإقناع ١/ ٥٦٤، غاية المنتهى ١/ ٣٦٩.
(٦) يعني: لا تسقط العمرة مع الشك في صحتها، ولا دم عليهِ؛ لأنه لم يثبت حكم القِران يقينًا.
انظر: المغني ٥/ ٩٩، الإنصاف ١/ ٤٥٠، شرح منتهى الإرادات ١/ ٥٣٤.
(٧) انظر: الفروع ٥/ ٣٨٢، المبدع ٣/ ١٣١، معونة أولي النهى ٣/ ٢٤٤.
(٨) انظر: شرح منتهى الإرادات ١/ ٥٣٤، مطالب أولي النهى ٢/ ٣١٨.
(٩) في مسألة استحباب فسخ المحرم بالحج إلى عمرة.
(١٠) انظر: الإقناع ١/ ٥٦٤، الإنصاف ٣/ ٤٥٠، المبدع ٣/ ١٣١.
(١١) انظر: الكافي ١/ ٣٩٤، كشاف القناع ٢/ ٤١٧، معونة أولي النهى ٣/ ٢٤٤.
(١٢) انظر: الشرح الكبير ٣/ ٢٥٣، الفروع ٥/ ٣٨٣، منتهى الإرادات ١/ ١٨٢.
(١٣) لأنه حلق في غير وقت الحلق. انظر: الفروع ٥/ ٣٨٣، الإقناع ١/ ٥٦٥، منتهى الإرادات ١/ ١٨٢. ولا يتعيَّن الدم، بل حكمه حكم فدية الأذى. كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>