للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للزيارةِ (١)، وكذا يطوفُ متمتِّعٌ لِقدُومِه، لكنْ بلا رمَلٍ ولا اضطباعٍ؛ لما تقدم ذلكَ منهُ في طوافِ عمرتِه، ثمَّ يطوفُ للزيارةِ (٢) - نصًا - (٣)، لحديث عائشة: "فَطَافَ الذِينَ أهلُّوا بِالعُمْرَة، وبَينَ الصَّفَا والمرْوَةِ، ثم حَلَقَ، ثم طافَ طَوَافًا آخرَ بعدَ أنْ رجَعُوا مِنْ منًى لحجِّهمْ، وأمَّا الَّذينَ جمَعُوا الحجَّ والعُمْرَة فإِنَّما طَافُوا طَوافًا واحِدًا" (٤)، فحمَلَ الإمامُ أحمد على أنَّ طوافَهم لحجِّهم هو طوافُ القدُومِ، ولأنه مشروعٌ فلَا يسقُطُ بطوافِ الزيارةِ كتحيَّةِ المسجدِ عندَ دخولِه قبلَ التلبسِ بالفرضِ. واختار ذلكَ الخرقيُّ (٥)، وأكثرُ الأصحابِ، وردَّهُ الموفقُ، وقال: "لا أعْلَمُ أحَدًا وافَقَ أبا عبدِ الله عَلَى هذَا الطَّوافِ، بلِ المشْرُوعُ طوافٌ واحِدٌ للزيَارةِ، كمنْ دخَلَ المسجِدَ وأُقيمَتِ الصَّلاةُ، وحدِيثُ عائشةَ دليلُ هذَا فلَمْ تذكُر طوافًا آخر، ولو كانَ الذي ذكرَتْهُ طوافَ القدُوم لكانَتْ قد أخَلَّتْ بذكرِ الركنِ الَّذي لا يتِمُّ الحجُّ إلا بِهِ وذكرَتْ مَا يُستَغْنَى عنه" (٦). واختارَه الشيخُ تقيُّ الدينِ (٧)، وصححه ابن رجب (٨).


(١) انظر: الكافي ١/ ٤٥٠، الإنصاف ٤/ ٤٣، منتهى الإرادات ١/ ٢٠٦.
(٢) انظر: المستوعب ١/ ٥٩٨، الوجيز ١٤٧، التنقيح المشبع ١٠٩، كشاف القناع ٢/ ٤٠٥.
(٣) نقله عنه في المغني ٥/ ٣١٥، والإنصاف ٤/ ٤٣.
(٤) متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب حجة الوداع (٤٣٩٥) ٤/ ١٥٩٦، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام (١٢١١) ٢/ ٨٧٠.
(٥) انظره في: مختصره ٦١.
والخرقي، هو: أبو القاسم، عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، الخِرَقِي. تقدمت ترجمته في الجزء الأول.
(٦) وذكر أيضًا - في سياق الرد على هذا القول -: أن عائشة قرنت الحج إلى العمرة بأمر النبي ، ولم تكن طافت للقدوم، ثم لم تطف له، ولا أمرها النبي به حين زارت البيت بعد عرفة، وأيضًا: لو لم يسقط طواف القدوم مع طواف الزيارة في الحج، لم يسقط مع طواف العمرة، ولكان مشروعًا للمعتمر طوافٌ للقدوم مع طواف العمرة؛ لأنه أول قدومه للبيت، فهو أولى به من المتمتع. انظر: المغني ٥/ ٣١٥.
(٧) انظره في: مجموع الفتاوى ٢٦/ ١٣٩.
(٨) انظره في: القواعد في الفقه الإسلامي - "تقرير القواعد وتحرير الفوائد" - ٢٥.
وابن رجب هو: أبو الفرج، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن البغدادي الدمشقي، تقدمت ترجمته في الجزء الأول.
والمذهب: ما قدمه المصنف، من مشروعية طواف القدوم للمتمتع إذا دخل مكة بعد الوقوف وكذا القارن والمفرد إذا لم يدخلا مكة قبل الوقوف، ثم يطوفوا للزيارة. قدمه في الإقناع ٢/ ٢٥، وجزم به في المنتهى ٦/ ٢٠١. قال في الإنصاف: "وهو من المفردات" ٤/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>