للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبَّ من خيرَيِ الدُّنيا وَالآخرةِ (١)، ومنه: "اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُكَ وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ وَسَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِكَ حتَّى بَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ إِلَى بَيْتِكَ وَأَعَنْتَنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكُي، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيْتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلَّا فَمُنَّ الآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، وَهَذَا أَوَانُ انْصرَافِي إِنْ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ عَنْ بَيْتِكَ دَارِي وَلَا رَاغِبِ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَأصْحِبْنِي العَافِيَةَ فِي بَدَنِي، وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي، وَالْعِصمَةَ فِي دِينِي، وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَكَ مَا أَبْقَيتَنِي، وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيِ الدّنْيَا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِيْرٌ" (٢). ويدعُو بعدُ بما أحبَّ، ويصلِّي على النبيِّ (٣). - قولُه: "فَمُنَ الآنَ" بضمِّ الميمِ، وتشديدِ النونِ فعلُ أمرٍ من "مَنَّ يمُنُّ" للدعاء. ويجوز كسرُ الميم على أنَّها حرف جرٍّ لابتداء الغاية، و"الآن": الوقتُ -. ثم يأتي الحطِيمَ، فيدعو، تم يشربُ من ماء زمزم، ويستلمُ الحجرَ، ويقبِّلُه، ثم يخرج (٤).

قال الإمام أحمد: "فإذَا ولَّى لا يقفُ، ولَا يَلتَفِتُ، فإذَا التفَتَ رجعَ فودَّع" (٥)، أي: استحبابًا؛ لعدمِ الدليلِ برجوبه. وأمَّا من ودَّعَ ثم اشتغلَ بغيرِ شدِّ رحلٍ وقضاءِ حاجَةٍ في طريقِه أو شراءِ زادٍ له أو شَيءٍ لنفسِهِ أعادَ طواف الوداعِ وجوبًا، وكذا من


= لكن تابعه ابن جريج عند عبد الرزاق (٩٠٤٤) ٥/ ٧٥، وجوَّده الزيلعي في نصب الراية ٣/ ٩١، وله شاهد عن ابن عباس قال: "هَذَا الملتَزَمُ بَيْنَ الرُّكْنِ والبَابِ". عند عبد الرزاق (٩٠٤٧) ٥/ ٧٦، والبيهقي في شعب الإيمان (٤٠٦٠) ٣/ ٤٥٧، صَححه ابن حجر في التلخيص ٢/ ٥٤٦.
ويشهد له أيضًا: ما جاء عند أبي داود عن عبد الرحمن بن صفوان قال: "رأيتُ النبي قد خرَجَ من الكَعْبَةِ هوَ وأصحَابُه قد اسْتَلَمُوا البَيْتَ مِنَ البابِ إِلى الحطِيمِ، وقَدْ وضَعُوا خُدُودَهُم عَلى البَيْتِ، ورَسُول الله وَسَطَهُم". أخرجه في الموضع السابق برقم: (١٨٩٨).
(١) جاء عن ابن عباس عند البيهقي (١٠٠٤٨) ٥/ ١٦٤ أنه قال فيه: "لَا يَلْزَمُ مَا بَيْنَهُمَا أَحَدٌ يَسْأَلُ اللهُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ". وعند ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: "كَانُوا يَلْتَزِمُونَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالبَابِ وَيَدْعُونَ" (١٣٧٨٠) ٣/ ٢٣٦.
(٢) انظر: المستوعب ١/ ٦٠٢، المقنع ١٣٠، مثير عزم الساكن ٢/ ٩١.
(٣) انظر: الهداية ١٢٦، الشرح الكبير ٣/ ٤٩٢، الإقناع ٢/ ٣١.
(٤) انظر: الإنصاف ٤/ ٥٢، التوضيح ٢/ ٥٣٢، منتهى الإرادات ١/ ٢٠٨.
(٥) نقله عنه في المستوعب ١/ ٦٠٣، والمغني ٥/ ٣٤٤، والفروع ٦/ ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>