للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَهُ إِعْطَاؤُهُ) أي: إعطاءُ الجزَّارِ من ذلكَ (صَدَقَةً وَهَدِيَّةً) (١)؛ لأنه في ذلكَ كغيرِه، بل هو أولى؛ لأنه باشرَها وتاقتْ نفسُه إليهَا. وللمضحِّي والمُهدي الانتفاعُ بجلدِ الأضحيةِ والهديِ (٢). قال في "الشرح": "لا خلَافَ في جوازِ الانتفاعِ بجلودِها؛ لقولهِ : "لَا تَبِيعُوا لُحُومَ الأَضَاحِي والهَدْي وَتَصَدَّقُوا وَاسْتَمْتِعُوا بِجُلُودِهَا" (٣)، وإن عيَّن هدْيًا أو أضحِيَةً ذبحَها بعد تعْيينِها وأجزَأَتْهُ (٤). وإن تلفَتْ أو عابَتْ بفِعلِه أو تفرِيطِه لزمَه البدلُ (٥)؛ كسائرِ الأماناتِ. وكذا يلزمُه البدلُ إن تعيبَ أو تلفَ أو سُرِقَ ونحوهُ إذا كانَ عينه عن واجبٍ في ذمتِه (٦).

تتمة: لو ضحَّى اثنانِ كلٌّ بأضحيةِ الآخرِ عن نفسِه غلَطًا كَفَتْهُما، ولا ضمانَ، استحسانًا (٧)،


(١) انظر: شرح الزركشي ٣/ ٢٨٢، المبدع ٣/ ٢٨٩، معونة أولي النهى ٣/ ٥٣٩.
(٢) أي: بغير البيع؛ لأنه جزء منها، فجاز للمضحي الانتفاع به؛ كاللحم. انظر: الوجيز ١٥٢، المقنع ١٣٣، المغني ١٣/ ٣٨٣، المستوعب ١/ ٦٥٦.
(٣) انظره في: ٣/ ٥٦٧.
والحديث أخرجه أحمد من حديثِ أبي سعيد الخدري لكن بزيادة: "فَكُلُوا" (١٦٢١٠) ٢٦/ ١٤٧، وفيه ضعف لأجل رواية ابن جُرَيجٍ عن الصحابة، وهو إنما يروي عن التابعين، كما أن بعض رواته مجهول -وهو هنا يروي عن الصحابة مباشرة- أفاده الهيثمي في مجمعه ٤/ ٢٦.
لكن روي مرسلًا عند أحمد أيضًا (١٦٢١١) ٢٦/ ١٤٩. صححه الهيثمي ٤/ ٢٧. وروي من وجهٍ آخر أيضًا عند أحمد عن أبي سعيد وقتادة بن النعمان على شرط مسلم لكن بلفظ: أن رسول الله قال: "كُلُوا لُحُومَ الأَضَاحِي وَادَّخِرُوا" قاله الأرناؤوط. المسند ٢٦/ ١٥٠، وقال الهيثمي: رجاله ثقات ٤/ ٢٨.
(٤) انظر: المقنع ١٣٤، المستوعب ١/ ٦٤٢، الإقناع ٢/ ٤٩.
(٥) وضمانها بأكثر الأمرين من قيمتها أو أضحية مثلها. انظر: الوجيز ١٥٢، الشرح الكبير ٣/ ٥٧٠، التنقيح المشبع ١١٢.
(٦) لأن ذمته لا تبرأ -في هذا المعيَّن- إلا بإيصاله لمستحقِّه، بنحوه صحيحًا في محلِّه. انظر: الهداية ١٣١، المغني ٥/ ٣٧٣، المستوعب ١/ ٦٤٣.
(٧) الاستحسان في اللغة استفعالٌ من الحُسنِ، وهو: عبارة عن كل مستحسَن مرغوبٍ إما عقلًا، أو حسًّا أو هوًى. وفي الاصطلاح حاصله: أن يعدل المجتهد في مسألة، عن الحكم بما حَكم به في نظائرها، إلى الحكم بخلافِه؛ لوجهٍ أقوى من الأول، يقتضي العدول عنه. وهو أحد الأدلة الشرعية، وقد اختُلِفَ فيه، وليس محل الخلاف في الاستحسان من غير دليل؛ لاتفاق الأمة على امتناع حكم المجتهد في شرع الله تعالى من غير دليل شرعي. وإنما محل=

<<  <  ج: ص:  >  >>