للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أي: على الإمامِ اختيارُ (فِعْلِ الأَصْلَحِ) للمسلمينَ من هذهِ الأمورِ (١)، فهو تخييرُ مصلحةٍ واجتهادٍ، لا شهوةٍ، فلا يجوزُ عدولٌ عما رآهُ مصلحةً لأنه يتصرفُ على المسلمينَ على سبيلِ النظرِ لهمْ. فإنْ تردَّدَ نظرُ الإمامِ في هذهِ الخصالِ، فقتْلُ الأسرى أولَى (٢)، لكفايةِ شرهِم. وحيثُ رأى القتلَ، فيضربُ العنقَ بالسيفِ (٣)؛ لقولِه تعالى: ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ (محمد: ٤)، ولقولِه : "وَلَا تُعَذِّبُوا وَلَا تُمَثِّلُوا" (٤). ومن امتنعَ من الأسرَى، ولا أمكنَ أن يأتيَ به للإمامِ - بإكراهٍ، أو ضربِ ونحوه -، أو خافَ هروبَه، أو خافَ منهُ، أو قاتلَه، أو كانَ مريضًا، أو جريحًا، أو مرِضَ معَهُ، فله قتلُه من غيرِ إحضارِه للإمامِ (٥)؛ لأنَّ تركَه حيًا فيهِ ضررٌ على المسلمينَ، وتقويةٌ للكفارِ، وكجريحِهم إذا لمْ يأسرْهُ. ويحرمُ قتلُ أسيرِ غيرِه قبلَ أن يأتيَ للإمامِ ليرى في رأيِه (٦)؛ لأنَّه افتئاتٌ على الإمامِ. إلا أن يصيرَ الأسيرُ في حالةٍ يجوزُ فيها قتلُه مما مرَّ، فيجوزُ قتلُه (٧). فإن قتلَ


= ابن عباس: أن رسولَ الله جعلَ فداءَ أهلِ الجاهليةِ يومَئذ - يعني: يوم بدر - أربعمائة.
أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في فداء الأسير بمال (٢٦٩١) ٢/ ٦٨، والحاكم (٢٦٢٠) وصححه ٢/ ١٥٢. وعند الطبراني في الأوسط (٣٠٠٣) ٣/ ٢٢٩، والكبير (١٢١٥٤) ١١/ ٤٠٦، وعبد الرزاق (٩٧٢٨) ٥/ ٣٥٢، عن ابن عباس قال: "فَادَى النبي أسارَى بدرٍ، وكانَ فداءُ كلِّ واحدٍ منهم أربعة آلاف". قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح" ٦/ ٦٤.
(١) انظر: مختصر الخرقي ١٢٩، الهداية ١٣٧، المقنع ١٣٧.
(٢) انظر: المغني ١٣/ ٤٧، شرح الزركشي ٣/ ١٧٧، التنقيح المشبع ١١٤.
(٣) انظر: الكافي ٤/ ٢٧١، الإقناع ٢/ ٧٤، شرح منتهى الإرادات ١/ ٦٢٥.
(٤) لم أجده هكذا. ولكن النهي عن التعذيب والتمثيل ثابت عنه . أما النهي عن التمثيل في الحرب: فقد جاء في حديث بريدة عند مسلم وفيه: "قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ باللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا .. " الحديث. أخرجه في كتاب الجهاد والسير، بَاب تأمير الإمام الأمراء على البعوث (١٧٣١) ٦/ ١٣٥٣.
وأما النهي عن التعذيب فلم أجده واردًا في الغزو، إلا أن يندرج في عموم قوله : "وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ الله". أخرجه أبو داود من حديث أبي ذر في كتاب الأدب، باب في حق المملوك (٥١٦١) ٢/ ٧٦٢، وأحمد في المسند (٢١٤٨٣) ٣٥/ ٣٨٢، صححه العجلوني في كشف الخفاء ١/ ٦٩، والزيلعي في نصب الراية ٣/ ٢٧٦، والألباني في الإرواء ٧/ ٢٣٥.
(٥) انظر: المغني ١٣/ ٥١، المستوعب ٣/ ١٧٥، معونة أولي النهى ٣/ ٦٢٠.
(٦) كذا في الأصل. ولعلها: فيه رأيه وانظر: الشرح الكبير ١٠/ ٤٠٤، الفروع ١٠/ ٢٥٦، الإقناع ٢/ ٧٤.
(٧) انظر: المغني ١٣/ ٥٢، غاية المنتهى ١/ ٤٤٩، شرح منتهى الإرادات ١/ ٦٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>