للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للخبر (١). ولو جاءَ عبدٌ إلى المسلمينَ مسلمًا وأَسَرَ هوَ سيدَه الحربيَّ (٢)، أو أسرَ عبدَ سيدِه، فهو حُرٌّ، والأسيرُ له (٣). وإن أسلمَ عبدٌ بدارِ الحربِ، ثمَّ أقامَ به، فهو رقيقٌ باقٍ على رقِّه (٤)، استصحابًا للأصل. ولو لحِقَ بنا عبدٌ مسلمٌ فجاءَ سيدُه بعدَه مسلمًا، لم يُرَدَّ العبدُ له (٥)، لسبقِ الحكمِ بحريةِ العبدِ حينَ جاءَ إلينا مسلمًا. فلو كانَ بالعكسِ، فالعبدُ لمولاه (٦)، لعدمِ زوالِ ملكِه عنه. فلو هربَ من عندنَا لدارِ الحرب، ثم جاءَ بمالٍ، فالقِنُّ لسيدِه، والمالُ فيءٌ للمسلمينَ (٧).

(وَيُحْكَمُ بِإسْلَامِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ أَوْلَادِ الكُفَّارِ) - حملًا، أو طفلًا، أو مميزًا - (٨)، وذلك (عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِ) شيءٍ من (ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ) من ذلك.

(أَحَدُهَا) أي: أحدُ الأسبابِ: (أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) سواء كانَ بدارِنَا، أو دارِ الكفرِ (٩)، (خَاصَّةً) أي: مخصوصٌ ذلكَ بأحدِ الأبوينِ، بخلافِ لو أسلمَ جدٌّ أو جدَّةٌ ونحوُهما، فلا يحكم بإسلامه (١٠).

(الثَّانِي) من الأسباب: (أَنْ يُعْدَمَ أَحَدُهُمَا) أي: أحدُ أبوَيهِ (بِدَارِنَا) أي: دارِ الإسلامِ (١١). وأما لَوماتَ أحدُ أبوَيهِ بدارِ الكفرِ، فلا يُحكمُ بإسلامِه


(١) يعني به: حديث ابن عباس، قال: "كَان رسولُ الله يعتقُ العبيدَ إذَا جَاؤُوا قَبلَ مَوالِيهمْ".
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٨٠٧) ٢/ ٢٩٠. وعند أبي داود من حديث علي بن أبي طالب أن عبدان خرجا يوما الحُدَيبِية قبلِ الصلح إلى النبي فكتب إليهم مواليهم أن يردَّهم، فأبى وقال: "هُمْ عُتَقَاءُ اللهِ ﷿". أخرجه في كتاب الجهاد، باب في عبيد المشركين يلحقوا بالمسلمين فيسلمون. (٢٧٠٠) ٢/ ٧٢. والبيهقي في سننه (١٩٣١١) ٩/ ٢٢٩، وصححه الحاكم في مستدركه، ووافقه الذهبي ٢/ ١٣٦، والألباني في صحيح أبي داود ٤٧٦. وحسنه الضياء المقدسي في المختارة ١/ ٢٥٥.
(٢) انظر: المستوعب ٣/ ١٧٢، الشرح الكبير ١٠/ ٤٢١، غاية المنتهى ١/ ٤٥٢.
(٣) انظر: الكافي ٤/ ٢٧٩، الفروع ١٠/ ٢٦٩، شرح منتهى الإرادات ١/ ٦٣٠.
(٤) انظر: الهداية ١٤١، الإنصاف ٤/ ١٤٠، مطالب أولي النهى ٢/ ٥٢٩.
(٥) انظر: المغني ١٣/ ١١٦، الفروع ١٠/ ٢٦٩، كشاف القناع ٣/ ٥٩.
(٦) انظر: المستوعب ٣/ ١٧٢، الشرح الكبير ١٠/ ٤٢٢، الإقناع ٢/ ٧٩.
(٧) انظر: الإنصاف ١٤١/ ٤، منتهى الإرادات ١/ ٢٣٣، غاية المنتهى ١/ ٤٥٢.
(٨) انظر: المبدع ٣/ ٣٢٨، شرح الزركشي ٣/ ١٩٥، كشاف القناع ٣/ ٥٦.
(٩) انظر: الوجيز ١٥٦، المغني ١٣/ ١١٥، التنقيح المشبع ١١٤.
(١٠) انظر: المحرر ٢/ ١٦٩، التوضيح ٢/ ٥٥١، الإقناع ٢/ ٧٧.
(١١) بموتٍ، أو بغيره كزنا، كما مثَّل به المؤلف. انظر: الوجيز ١٥٦، الكافي ٤/ ٢٧٧، الروض المربع ٢/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>