للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعطش، لبس الناس لين الثياب ولبسوا هم أخشن (١) الثياب، افترش الناس الفرش وافترشوا هم الْجِبَاهَ وَالرُّكَبَ، ضَحِكَ النَّاسُ وَبَكَوْا، يَا أُسَامَةُ، لا يجمع الله عزّ وجل عَلَيْهِمُ الشِّدَّةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، لَهُمُ الْجَنَّةُ، يَا لَيْتَنِي قَدْ رَأَيْتُهُمْ يَا أُسَامَةُ، لَهُمُ البشرى في الآخرة، والأرض (٢) بِهِمْ رَحِيمَةٌ، وَالْجَبَّارُ (٣) عَنْهُمْ رَاضٍ، ضَيَّعَ (٤) النَّاسُ فِعْلَ [النَّبِيِّينَ] (٥) وَأَخْلَاقَهُمْ وَحَفِظُوا هُمُ. الرَّاغِبُ مَنْ رغب إلى الله تعالى فِي مِثْلِ رَغْبَتِهِمْ، وَالْخَاسِرُ مَنْ خَالَفَهُمْ، تَبْكِي الأرض إذا فقدتهم، ويسخط (٦) الله تعالى عَلَى كُلِّ بَلْدَةٍ لَيْسَ فِيهَا مِثْلُهُمْ. يَا أسامة، وإذا رأيتهم في قرية، فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَمَانٌ لِتِلْكَ الْقَرْيَةِ، لَا يُعَذِّبُ الله تعالى قَوْمًا هُمْ فِيهِمْ اتَّخِذْهُمْ لِنَفْسِكَ، عَسَى أَنْ تَنْجُوَ بِهِمْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَدَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ فَتَزِلَّ قَدَمُكَ فَتَهْوِي فِي النَّارِ، حُرِمُوا حَلَالَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ، طَلَبُوا الْفَضْلَ من الْآخِرَةِ، وَتَرَكُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَنْ قُدْرَةٍ، لَمْ يتكلبوا على الدنيا تكلب الْكِلَابِ عَلَى الْجِيَفِ، شُغِلَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَشَغَلُوا أنفسهم بطاعة الله تبارك وتعالى، لَبِسُوا الْخِرَقَ وَأَكَلُوا الْفِلَقَ، تَرَاهُمْ شُعْثًا غُبْرًا، يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ بِهِمْ دَاءً وَمَا ذَاكَ بِهِمْ، وَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ عُقُولَهُمْ ذَهَبَتْ وَمَا ذَهَبَتْ، وَلَكِنْ نَظَرُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مَنْ ذَهَبَ بِعُقُولِهِمْ عَنِ الدُّنْيَا، فَهُمْ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا يَمْشُونَ بِلَا عُقُولٍ، يَا أُسَامَةُ (٧)، عقلوا حين ذهبت عقول الناس، لهم البشرى في الآخرة".


(١) في نسخة (و) و (س): "خشن".
(٢) قوله "والأرض": في نسخة (و) و (س): "الأرض"، بدون الواو.
(٣) في نسخة (و): "والحبار"، وعلق في الهامش فقال: كذا.
(٤) في نسخة (و) و (س): "صنع".
(٥) في جميع النسخ: "البنين"، والنقل من بغية الباحث.
(٦) في نسخة (و): "حيث".
(٧) قوله "يا أسامة": ساقط من نسخة (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>