= ونقل عن القاضي أبي يعلى روايتين عن الإِمام أحمد: إحداهما: أنها ثبتت بالاختيار، قال: وبهذا قال جماعة من أهل الحديث. والمعتزلة، والأشعرية. والثانية: أنها تثبت بالنص الخفي والإِشارة. وبه قال الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث. اهـ. ثم سرد النصوص الصحيحة التي تؤكد أن الخلافة ثبتت بالنص. ومنها ما أخرجه البخاري في الفضائل، باب: لو كنت متخذًا خليلًا (٣/ ٨)، حين قالت المرأة للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تريد الموت. قال: إن لم تجديني فأتي أبا بكر.
وحديث نزع الذنوب من البئر، كما رأى -صلى الله عليه وسلم- في منامه. وهو حديث صحيح.
وغيرهما من النصوص كاستخلافه في الصلاة، ونحو ذلك. ونقل ابن تيمية كلام ابن حزم في تأكيد كون الخلافة بالنص.
ولعل المراد من هذا الحديث الذي رواه سفينة وعائشة رضي الله عنهما هو المراد من الأحاديث الصحيحة السابقة. وهو الإِشارة إلى الخلافة دون التصريح.
قال الإِمام ابن تيمية في منهاج السنَّة (١/ ٥١٦): والتحقيق أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دل المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله -إلى أن قال:- فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم- بيانًا قاطعًا للعذر. لكن لما دلتهم دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين، وفهموا ذلك حصل المقصود. اهـ.
وبين أنه -صلى الله عليه وسلم- ترك الكتاب لأبي بكر اكتفاء بعلم المؤمنين بذلك. وعلى هذا فرد الحديث لمجرد هذا القول فيه نظر.
٢ - حديث عائشة وما قاله الذهبي من صغرها حينئذٍ. هذا قول مردود. إذ يمكن لعائشة أخذه من غيرها من الصحابة فيكون من باب مرسل الصحابي: وهو أمر معروف عند علماء المصطلح.