= قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وما قاله محتمل لكن لا أدري من أين له الجزم بذلك فإني لم أفف عليه في رواية أحد.
ونقل عن الخطابي أنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يأكل مما يذبحون عليها -يعني النصب- للأصنام ويأكل ما عدا ذلك وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه؛ لأن الشرع لم يكن نزل بعد، بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه إلَّا بعد المبعث بمدة طويلة.
قال الحافظ رحمه الله: وهذا الجواب أولى مما ارتكبه ابن بطال، وعلى تقدير أن يكون زيد بن حارثة ذبح على الحجر المذكور فإنما يحمل على أنه إنما ذبح عليه لغير الأصنام. اهـ. (ينظر: الفتح الموضعان المتقدمان).
قلت: وليس في الحديثين تصريح بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل مما ذبح على النصب سواء كان للأصنام أو لغيرها بخلاف الحديث الذي معنا فإنه يصرح بذلك، ولعل هذا من تصرف بعض الرواة، وتقدم أن الحمل فيه على نفيل بن هشام وأبيه.
نعم هذا الحديث يشهد لكون زيد لم يأكل مما ذبح على النصب لكنه لا يفيد ما أفاده هذا من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل مما ذبح على النصب، والله أعلم.
وروى طرفه الأخير ابن عساكر في التاريخ (٦/ ٦٧٢)، عن أبي القاسم بن الحصين، عن أبي علي بن المذهب، عن أحمد بن جعفر، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن يزيد بن هارون، عن المسعودي به، بلفظ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمكة هو وزيد بن حارثة، فمرّ بهما زيد بن عمرو بن نفيل فدعواه إلى سفرة لهما فقال: يا ابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب قال: فما رآني رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذلك آكل شيئًا مما ذبح على النصب ... ثم ذكر بقية الحديث".
ورواه الطبراني في الكبير (١/ ١٥١: ٣٥٠)، عن علي بن عبد العزيز، عن عبد الله بن رجاء، عن المسعودي به، بنحوه.
وروى آخره الحاكم في المستدرك (٣/ ٤٣٩)، عن أبي العباس، محمَّد بن =