قلت: وهذا القول كما نقل عن ابن عمر رضي الله عنهما نقل عن البراء رضي الله عنه كما ثبت عند البخاري. (وانظر: صحيح البخاري مع الفتح ٧/ ١٥٤: ٣٨٠٣)، فقد فسّره باهتزاز السرير أيضًا. وهذا تأويل مردود بصريح الروايات الصحيحة. وكما أنّه تأويل مردود فالتأويلات الأخرى أيضًا لا مستند لها ولا حاجة إليها. وقد علق الإِمام الذهبي رحمه الله على أثر ابن عمر هذا في سير أعلام النبلاء (١/ ٢٩٧)، فقال: قلت: تفسيره بالسرير ما أدري أهو من قول ابن عمر أو من قول مجاهد، وهذا تأويل لا يفيد فقد جاء ثابتًا عرش الرحمن وعرش الله. والعرش خلق الله مسخّر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله وجعل فيه شعورًا لحب سعد كما جعل تعالى شعورًا في جبل أُحد بحبِّه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ ١٠]، وقال: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} [الإسراء ٤٤]، ثم عمم فقال: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه}. وهذا حقّ، وفي صحيح البخاري قول ابن مسعود: "كما نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل" (صحيح البخاري مع الفتح (٦/ ٦٧٩: ٣٥٧٩)، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإِسلام). وهذا باب واسع سبيله الإِيمان. قلت: وقد وقع الحافظ ابن حجر رحمه الله في هذا التأويل أيضًا فقال: والمراد باهتزاز العرش استبشاره وسروره بقدوم روحه. (ينظر: الفتح ٧/ ١٥٥). وذكر أن ابن عمر رضي الله عنهما رجع عن تأويله الذي هنا وقال: أخرج ذلك ابن حبّان من طريق مجاهد عنه، وضعّف تفسيره الذي هنا بأنه من رواية عطاء بن السائب وهو ممن اختلط. قلت: ولم أقف على ما نسبه إلى ابن عمر رضي الله عنهما من الرجوع عن هذا التفسير في ابن حبان ولعله بلغه النص فرجع. وحاصل القول: إن اهتزاز العرش على ظاهره بكيفية لا يعلمها إلَّا الله جل وعلا، والله أعلم. (٤) هو متصل بالإسناد نفسه. وسيأتي أن هذا الأمر ثابت صحيح، وقد علق الإِمام الذهبي رحمه الله على هذا فقال: (قلت: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء، بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا وألم تأثره ببكاء أهله عليه وألم قيامه من قبره =