للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة تسع وتسعين، ببغداد، اجتمع في الرصافة أعلام أصحاب الحديث، فمنهم: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهما. فكان صدر المجلس لإسحاق، وهو الخطيب. اهـ. ومع هذا كان يروي عنهما، وعن غيرهما من كبار أقرانه (١). كما أن أقرانه كانوا يروون عنه، كما هي عادة المحدثين في الأخذ عن أقرانهم وعمن هم في طبقة تلاميذهم.

وكان في الحفظ آية من آيات الله، لا يسمع شيئًا إلَّا حفظه، ولا حفظ شيئًا فنسيه.

قال ابن عدي (٢): ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا علي بن خشرم، ثنا ابن فضيل، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلَّا حفظته، ولا أحب أن يعيده علي. فحدثت -المحدث هو علي بن خشرم- بهذا الحديث إسحاق بن راهويه، فقال: تعجب من هذا؟ قلت: نعم. قال: كنت لا أسمع شيئًا إلَّا حفظته. وكأني انظر إلى سبعين ألف حديث -أو قال: أكثر من سبعين ألف- في كتبي. اهـ. وقال الأمير عبد الله بن طاهر (٣) لإسحاق: قيل لي: إنك تحفظ مائة ألف حديث؟ قال: مائة ألف حديث!! ما أدري ما هو، ولكني ما سمعت شيئًا قط إلَّا حفظته، ولا حفظت قط شيئًا فنسيته. اهـ. فكان يملي الأحاديث من حفظه ولا يمسك كتابًا. قال أبو يحيى الشعراني (٤): ما رأيت بيد إسحاق كتابًا قط، وما كان يحدث إلَّا حفظًا. اهـ. وكان في بعض الأحايين يملي عليهم من حفظه، ثم يقرأ


(١) انظر: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص ٦٠، ١٢٩).
(٢) الكامل (١/ ١٣٦)، وانظر الجامع لأخلاق الراوي وأداب السامع (٢/ ٣٠٩).
(٣) تاريخ بغداد (٦/ ٣٥٤).
(٤) تاريخ بغداد (٦/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>