= رضي الله عنه: أعائدًا جئت أم شامتا؟ قال: لا بل عائدًا. قال: فقال له علي رضي الله عنه: إن كنت جئت عائدًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يقول:"إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس، فإِذا جلس غمرته الرحمة، فإِن كان غدوة صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِي، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ ملك حتى يصبح".
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي في التلخيص.
وبالجملة، فهذه الطرق تشهد لما ورد في فضل العيادة، أما المشي خلف الجنازة، فسند الباب فيه ضعيف، وإنما يتقوى بما رواه عبد الرزاق في مصنفه (٣/ ٤٤٥)، وابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٢٧٨)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٣٨٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٥)، وسعيد بن منصور -كما في الفتح (٣/ ١٨٣) - من طريقين عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال: كنت مع علي رضي الله عنه في جنازة قال: وعلي آخذ بيدي ونحن خلفها، وأبو بكر وعمر يمشيان أمامها، فقال: إن فضل الماشي خلفها على الذي يمشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وانهما ليعلمان من ذلك ما أعلم، ولكنهما لا يحبان أن يَشُقا على الناس.
قال الحافظ في الفتح (٣/ ١٨٣): وإِسناده حسن، وهو موقوف له حكم الرفع.
ومشي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أمام الجنازة له أجل في السنن من حديث ابن عمر. أخرجه أحمد (٢/ ٨، ٣٧، ١٢٢، ١٤٠)، وأبو داود (٣/ ٥٢٢: ٣١٧٩)، والترمذي (٢/ ٢٣٧)، والنسائي (٤/ ٥٦)، وابن ماجه (١/ ٤٧٥: ١٤٨٢)، والبغوي في شرح السنة (٥/ ٣٣٢) من طريق الزهري، عن سالم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة.
وسنده صحيح. وقد روي مرسلًا. ورجح البيهقي الموصول، وجزم بصحته موصرلًا ابن المنذر وابن حزم. وانظر: الكلام على الحديث مطولًا في نصب الراية (٢/ ٢٩٣)، والتلخيص الحبير (٢/ ١١١)، وإرواء الغليل (٣/ ١٨٦).