= الصحيح فيه من التساهل ما لا يخفى، فإِن أبا إسحاق لم يخرجوا له في الصحيح إلَّا من رواية القدماء عنه الذين سمعوا منه قبل اختلاطه -كما في هدي الساري (ص ٤٣١) -، وإسرائيل سمع منه بعد اختلاطه -كما تقدم آنفًا-؛ فكون رجال السند من رجال الصحيح لا يعني الصحة ... فتأمل.
على أن الشيخ الألباني صححه في صحيح الترغيب (١/ ٣٣٧)، ويبدو أن ذلك لشواهده.
إذ رواه الترمذي (٣/ ١٥٣ عارضة) مطولًا واللفظ له، والطبراني (٤/ ١٧: ٣٥٠٤)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٠٧) من رواية مجالد، عن عامر، عن حبشي، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع وهو واقف بعرفة أتاه أعرابي فأخذ بطرف ردائه، فسأله إياه، فأعطاه، وذهب، فعند ذلك حرمت المسألة. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن المسألة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي، إلَّا لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، ومن سأل الناس ليثرى به مال كان خموشًا في وجهه يوم القيامة ورضفًا يأكله من جهنم، فمن شاء فليقلل، ومن شاء فليكثر".
قال الترمذي: حديث غريب، يعني أنه ضعيف، لأن في سنده مجالد بن سعيد وهو ضعيف.
وبالجملة فسند الباب لا يصلح للتقوية، لكن متن الحديث يتقوى بالشواهد والتي منها ما ذكرته، وذكر شواهد أخرى المنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٥٧٠)، وصحح بعضها الألباني في صحيح الترغيب (١/ ٣٣٥).