للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَذَلِكَ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَأَخُوهُ فَجْأَةً كَمَا مَاتَ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.

مَحْمُودُ بْنُ زَنْكِيِّ بْنِ آقْ سُنْقُرَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ نُورُ الدِّينِ

صَاحِبُ بِلَادِ الشَّامِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبُلْدَانِ الْكَثِيرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ذِكْرِ الْحَوَادِثِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: انْتَزَعَ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زَنْكِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ مَدِينَةً، وَقَدْ كَانَ يُكَاتِبُنِي وَأُكَاتِبُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ: وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى الْأُمَرَاءِ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ - يَعْنِي الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ - وَجَدَّدَ الْعَهْدَ مَعَ صَاحِبِ طَرَابُلُسَ أَنْ لَا يُغِيرَ عَلَى الشَّامِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ مَادَّهُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَسَرَهُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَأَسَرَ مَعَهُ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ دَوْلَتِهِ، فَافْتَدَى نَفْسَهُ مِنْهُ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسِمِائَةِ حِصَانٍ وَخَمْسِمِائَةِ زَرَدِيَّةٍ وَمِثْلُهَا أَتْرَاسٌ وَقَنْطُورِيَّاتٌ وَخَمْسِمِائَةِ أَسِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَاهَدَهُ أَنْ لَا يُغِيرَ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مُدَّةِ سَبْعِ سِنِينَ وَسَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ رَهَائِنَ عَلَى ذَلِكَ ; مِائَةً مِنْ أَوْلَادِ أَكَابِرِ الْفِرِنْجِ وَبَطَارِقَتِهِمْ فَإِنْ نَكَثَ أَرَاقَ دِمَاءَهُمْ، وَكَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ شَرَّفَهُ اللَّهُ فَوَافَتْهُ الْمَنِيَّةُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. وَهَذَا مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَمَعْنَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>