للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ مِنَ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَا يَنْضَبِطُ، وَلَهُ كِتَابٌ مُفْرَدٌ سَمَّاهُ: " نَظْمَ الْجُمَانِ فِي كَانَ وَكَانَ ".

وَمِنْ لَطَائِفِ كَلَامِهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ» إِنَّمَا طَالَتْ أَعْمَارُ مَنْ قَبْلَنَا لِطُولِ الْبَادِيَةِ، فَلَمَّا شَارَفَ الرَّكْبُ بَلَدَ الْإِقَامَةِ، قِيلَ لَهُمْ: حُثُّوا الْمَطِيَّ. وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَيُّمَا أَفْضَلُ؟ أَجْلِسُ أُسَبِّحُ أَوْ أَسْتَغْفِرُ؟ فَقَالَ: الثَّوْبُ الْوَسِخُ أَحْوَجُ إِلَى الصَّابُونِ مِنِ الْبَخُورِ.

وَسُئِلَ عَمَّنْ أَوْصَى وَهُوَ فِي السِّيَاقِ، فَقَالَ: هَذَا طِينٌ سُطُوحُهُ فِي كَانُونٍ.

وَالْتَفَتَ يَوْمًا إِلَى نَاحِيَةِ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَضِيءِ وَهُوَ فِي الْوَعْظِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ; إِنْ تَكَلَّمْتُ خِفْتُ مِنْكَ، وَإِنْ سَكْتُّ خِفْتُ عَلَيْكَ، وَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: اتَّقِ اللَّهَ، خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مَغْفُورٌ لَكُمْ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إِذَا بَلَغَنِي عَنْ عَامِلٍ أَنَّهُ ظَالِمٌ فَلَمْ أُغَيِّرْهُ، فَأَنَا الظَّالِمُ. يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ; وَكَانَ يُوسُفُ لَا يَشْبَعُ فِي زَمَنِ الْقَحْطِ حَتَّى لَا يَنْسَى الْجِيعَانَ، وَكَانَ عُمْرُ يَضْرِبُ بَطْنَهُ عَامَ الرَّمَادَةِ وَيَقُولُ: قَرْقِرْ أَوْ لَا تُقَرْقِرْ، وَاللَّهِ لَا سَمْنًا وَلَا سَمِينًا حَتَّى يُخْصِبَ النَّاسُ. قَالَ: فَتَصَدَّقَ الْمُسْتَضِيءُ بِمَالٍ جَزِيلٍ، وَأَطْلَقَ الْمَحَابِيسَ، وَكَسَى خَلْقًا مِنَ الْفُقَرَاءِ.

وُلِدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي حُدُودِ سَنَةِ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، كَمَا تَقَدْمَ، وَكَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>