للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَسَرُوا قَرِيبًا مِنْ أَلْفِ أَسِيرٍ مَا بَيْنَ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ، وَغَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ فِي الْبُلْدَانِ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ.

وَفِيهَا قَدِمَ وَلَدُ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَعْصِمِ بْنِ الْمُسْتَنْصِرِ بْنِ الظَّاهِرِ بْنِ النَّاصِرِ الْعَبَّاسِيُّ - وَاسْمُهُ عَلِيٌّ - إِلَى دِمَشْقَ، فَأُكْرِمَ وَأُنْزِلَ بِالدَّارِ الْأَسَدِيَّةِ تُجَاهَ الْمَدْرَسَةِ الْعَزِيزِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ أَسِيرًا فِي أَيْدِي التَّتَارِ، فَلَمَّا كَسَرَهُمْ بَرَكَةُ خَانَ تَخَلَّصَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَارَ إِلَى دِمَشْقَ، وَلَمَّا فَتَحَ السُّلْطَانُ صَفَدَ أَخْبَرَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ بِهَا مَنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ أَنَّ سَبَبَ أَسْرِهِمْ أَنَّ أَهْلَ قَرْيَةِ قَارَا كَانُوا يَأْخُذُونَهُمْ فَيَحْمِلُونَهُمْ إِلَى الْفِرِنْجِ، فَيَبِيعُونَهُمْ مِنْهُمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ رَكِبَ السُّلْطَانُ قَاصِدًا قَارَا، فَأَوْقَعَ بِهِمْ بَأْسًا شَدِيدًا وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَسَرَ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ أَخْذًا بِثَأْرِ الْمُسْلِمِينَ، جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا. ثُمَّ أَرْسَلَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ جَيْشًا هَائِلًا إِلَى بِلَادِ سِيسَ، فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَفَتَحُوا سِيسَ عَنْوَةً، وَأَسَرُوا ابْنَ مَلِكِهَا وَقَتَلُوا أَخَاهُ، وَنَهَبُوهَا وَقَتَلُوا أَهْلَهَا، وَأَخَذُوا بِثَأْرِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ مِنْهُمْ; وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَضَرَّ شَيْءٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ زَمَنَ التَّتَارِ، لَمَّا أَخَذُوا مَدِينَةَ حَلَبَ وَغَيْرَهَا أَسَرُوا مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَطْفَالِهِمْ خَلْقًا كَثِيرًا وَجَمًّا غَفِيرًا، ثُمَّ كَانُوا بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فِي زَمَنِ هُولَاكُو، فَكَبَتَهُ اللَّهُ وَأَهَانَهُ عَلَى يَدَيْ أَنْصَارِ الْإِسْلَامِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ كَثِيرًا دَائِمًا، وَكَانَتِ النُّصْرَةُ عَلَيْهِمْ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ إِلَى الْبِلَادِ وَضُرَبَتِ الْبَشَائِرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>