للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَأْبَاهُ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ يَتِيمٌ تَرَكْنَاهُ، وَقُلْنَا: مَاذَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ إِلَيْنَا أُمُّهُ؟ إِنَّمَا نَرْجُو الْمَعْرُوفَ مِنْ أَبِي الْوَلَدِ فَأَمَّا أُمُّهُ فَمَاذَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ إِلَيْنَا؟ فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ مِنْ صَوَاحِبِي امْرَأَةٌ إِلَّا أَخَذَتْ رَضِيعًا غَيْرِي فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ غَيْرَهُ،

وَأَجْمَعْنَا الِانْطِلَاقَ قُلْتُ لِزَوْجِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى: وَاللَّهِ وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَرْجِعَ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِي لَيْسَ مَعِيَ رَضِيعٌ، لَأَنْطَلِقَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلْآخُذَنَّهُ. فَقَالَ: لَا عَلَيْكِ أَنْ تَفْعَلِي فَعَسَى أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَنَا فِيهِ بَرَكَةً فَذَهَبْتُ فَأَخَذَتْهُ فَوَاللَّهِ مَا أَخَذْتُهُ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ أَخَذْتُهُ فَجِئْتُ بِهِ رَحْلِي فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيَايَ بِمَا شَاءَ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَشَرِبَ أَخُوهُ حَتَّى رَوِيَ، وَقَامَ صَاحِبِي إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ فَإِذَا إِنَّهَا لَحَافِلٌ فَحَلَبَ مَا شَرِبَ، وَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِينَا فَبِتْنَا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ فَقَالَ صَاحِبِي حِينَ أَصْبَحْنَا: يَا حَلِيمَةُ وَاللَّهِ إِنِّي لِأَرَاكِ قَدْ أَخَذْتِ نَسَمَةً مُبَارَكَةً; أَلَمْ تَرَيْ مَا بِتْنَا بِهِ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ حِينَ أَخَذْنَاهُ! فَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَزِيدُنَا خَيْرًا، ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِنَا فَوَاللَّهِ لَقَطَعَتْ أَتَانِي بِالرَّكْبِ حَتَّى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حِمَارٌ حَتَّى إِنَّ صَوَاحِبِي لَيَقُلْنَ: وَيْلَكِ يَا بِنْتَ أَبِي ذُؤَيْبٍ هَذِهِ أَتَانُكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا مَعَنَا؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَهِيَ فَيَقُلْنَ: وَاللَّهِ إِنَّ لَهَا لَشَأْنًا حَتَّى قَدِمْنَا أَرْضَ بَنِي سَعْدٍ وَمَا أَعْلَمُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللَّهِ أَجْدَبَ مِنْهَا فَإِنْ كَانَتْ غَنَمِي لَتَسْرَحُ، ثُمَّ تَرُوحُ شِبَاعًا لَبَنًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>