للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَرٍّ وَعَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. وَالْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: ٥]

[النَّجْمِ: ٥ - ١٠] وَكَانَ ذَلِكَ بِالْأَبْطَحِ تَدَلَّى جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي " التَّفْسِيرِ " كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. فَأَمَّا قَوْلُ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ: ثُمَّ دَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَقَدْ يَكُونُ مِنْ فَهْمِ الرَّاوِي فَأَقْحَمَهُ فِي الْحَدِيثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا، فَلَيْسَ بِتَفْسِيرٍ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، بَلْ هُوَ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، عَلَى عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى أُمَّتِهِ الصَّلَوَاتِ لَيْلَتَئِذٍ، خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَخْتَلِفُ بَيْنَ مُوسَى وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. حَتَّى وَضَعَهَا الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، إِلَى خَمْسٍ. وَقَالَ: «هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ".» فَحَصَلَ لَهُ التَّكْلِيمُ مِنَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ لَيْلَتَئِذٍ، وَأَئِمَّةُ السُّنَّةِ كَالْمُطْبِقِينَ عَلَى هَذَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّؤْيَةِ ; فَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>