للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ كِتَابًا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ الْحِيرَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَشْرَافُهَا مَعَ قَبِيصَةَ بْنِ إِيَاسِ بْنِ حَيَّةَ الطَّائِيِّ، وَكَانَ أَمَّرَهُ عَلَيْهَا كِسْرَى بَعْدَ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَبْتُمْ إِلَيْهِ فَأَنْتُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَكُمْ مَا لَهُمْ وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَالْجِزْيَةُ، فَإِنْ أَبَيْتُمُ الْجِزْيَةَ فَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِأَقْوَامٍ هُمْ أَحْرَصُ عَلَى الْمَوْتِ مِنْكُمْ عَلَى الْحَيَاةِ ; جَاهَدْنَاكُمْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ. فَقَالَ لَهُ قَبِيصَةُ: مَا لَنَا بِحَرْبِكَ مِنْ حَاجَةٍ، بَلْ نُقِيمُ عَلَى دِينِنَا وَنُعْطِيكُمُ الْجِزْيَةَ. فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: تَبًّا لَكُمْ! إِنَّ الْكُفْرَ فَلَاةٌ مُضِلَّةٌ، فَأَحْمَقُ الْعَرَبِ مَنْ سَلَكَهَا، فَلَقِيَهُ مِنْهُمْ رَجُلَانِ ; أَحَدُهُمَا عَرَبِيٌّ وَالْآخَرُ أَعْجَمِيٌّ، فَتَرَكَهُ وَاسْتَدَلَّ بِالْعَجَمِيِّ. ثُمَّ صَالَحَهُمْ عَلَى تِسْعِينَ أَلْفًا. وَفِي رِوَايَةٍ: مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَكَانَتْ أَوَّلَ جِزْيَةٍ أُخِذَتْ مِنَ الْعِرَاقِ وَحُمِلَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ هِيَ وَالْقُرَيَّاتُ قَبْلَهَا الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا ابْنُ صَلُوبَا.

قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ مَعَ نَائِبِ كِسْرَى عَلَى الْحِيرَةِ مِمَّنْ وَفَدَ إِلَى خَالِدٍ عَبْدُ الْمَسِيحِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ، وَكَانَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: مِنْ أَيْنَ أَثَرُكَ؟ قَالَ: مِنْ ظَهْرِ أَبِي. قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ خَرَجْتَ؟ قَالَ: مِنْ بَطْنِ أُمِّي. قَالَ: وَيَحَكَ! عَلَى أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ؟ قَالَ: عَلَى الْأَرْضِ. قَالَ: وَيْلَكَ! وَفِي أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ؟ قَالَ: فِي ثِيَابِي. قَالَ: وَيَحَكَ! تَعْقِلُ؟ ! قَالَ: نَعَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>