وَبِلَادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَاللَّهِ لَا يُنَجِّيكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَلَا يُبْلَغُ بِكُمْ رِضْوَانَ اللَّهِ غَدًا، إِلَّا بِصِدْقِ اللِّقَاءِ وَالصَّبْرِ فِي الْمَوَاطِنِ الْمَكْرُوهَةِ، أَلَا وَإِنَّهَا سُنَّةٌ لَازِمَةٌ، وَإِنَّ الْأَرْضَ وَرَاءَكُمْ، بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ صَحَارَى وَبَرَارِيُّ، لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا مَعْقِلٌ وَلَا مَعْدِلٌ إِلَّا الصَّبْرُ وَرَجَاءُ مَا وَعَدَ اللَّهُ، فَهُوَ خَيْرُ مُعَوَّلٍ، فَامْتَنِعُوا بِسُيُوفِكُمْ وَتَعَاوَنُوا، وَلْتَكُنْ هِيَ الْحُصُونُ. ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى النِّسَاءِ فَوَصَّاهُنَّ، ثُمَّ عَادَ فَنَادَى: يَا مَعَاشِرَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، حَضَرَ مَا تَرَوْنَ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ، وَالشَّيْطَانُ وَالنَّارُ خَلْفَكُمْ. ثُمَّ سَارَ إِلَى مَوْقِفِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقَدْ وَعَظَ النَّاسَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْضًا فَجَعَلَ يَقُولُ: سَارِعُوا إِلَى الْحُورِ الْعِينِ، وَجِوَارِ رَبِّكُمْ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، مَا أَنْتُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فِي مَوْطِنٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْكُمْ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ، أَلَا وَإِنَّ لِلصَّابِرِينَ فَضْلَهُمْ.
قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شُيُوخِهِ: إِنَّهُمْ قَالُوا: كَانَ فِي ذَلِكَ الْجَمْعِ أَلْفُ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ; مِنْهُمْ مِائَةٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ. وَجَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ يَقِفُ عَلَى كُلِّ كُرْدُوسٍ وَيَقُولُ: اللَّهَ اللَّهَ، إِنَّكُمْ دَارَةُ الْعَرَبِ وَأَنْصَارُ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّهُمْ دَارَةُ الرُّومِ وَأَنْصَارُ الشِّرْكِ، اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ نَصْرَكَ عَلَى عِبَادِكَ. قَالُوا: وَلَمَّا أَقْبَلَ خَالِدٌ مِنَ الْعِرَاقِ قَالَ رَجُلٌ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: مَا أَكْثَرَ الرُّومَ وَأَقَلَّ الْمُسْلِمِينَ! فَقَالَ خَالِدٌ: وَيْلَكَ، أَتُخَوِّفُنِي بِالرُّومِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute