للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ، بَيْنَ ذَلِكَ، وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَقَالُوا: لَا يَدَ لَكُمْ وَلَا قُوَّةَ وَلَا سِلَاحَ، مَا جَاءَ بِكُمْ؟ ارْجِعُوا. قَالَ: قُلْنَا: مَا نَحْنُ بِرَاجِعِينَ. فَكَانُوا يَضْحَكُونَ مِنْ نَبْلِنَا، وَيَقُولُونَ: دُوكْ دُوكْ. وَشَبَّهُونَا بِالْمَغَازِلِ. فَلَمَّا أَبَيْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ نَرْجِعَ. قَالُوا: ابْعَثُوا إِلَيْنَا رَجُلًا مِنْكُمْ عَاقِلًا يُبَيِّنُ لَنَا مَا جَاءَ بِكُمْ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: أَنَا. فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ فَقَعَدَ مَعَ رُسْتُمَ عَلَى السَّرِيرِ فَنَخَرُوا وَصَاحُوا، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَمْ يَزِدْنِي رِفْعَةً وَلَمْ يُنْقِصْ صَاحِبَكُمْ. فَقَالَ رُسْتُمُ: صَدَقَ، مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا قَوْمًا فِي شَرٍّ وَضَلَالَةٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ فِينَا نَبِيًّا، فَهَدَانَا اللَّهُ بِهِ وَرَزَقَنَا عَلَى يَدَيْهِ، فَكَانَ فِيمَا رَزَقَنَا حَبَّةٌ تَنْبُتُ بِهَذَا الْبَلَدِ، فَلَمَّا أَكَلْنَاهَا وَأَطْعَمْنَاهَا أَهْلِينَا، قَالُوا: لَا صَبْرَ لَنَا عَنْهَا، أَنْزِلُونَا هَذِهِ الْأَرْضَ حَتَّى نَأْكُلَ مِنْ هَذِهِ الْحَبَّةِ. فَقَالَ رُسْتُمُ: إِذَنْ نَقْتُلُكُمْ. قَالَ: إِنْ قَتَلْتُمُونَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَإِنْ قَتَلْنَاكُمْ دَخَلْتُمُ النَّارَ، أَوْ أَدَّيْتُمُ الْجِزْيَةَ. قَالَ: فَلَمَّا قَالَ: أَوْ أَدَّيْتُمُ الْجِزْيَةَ. نَخَرُوا وَصَاحُوا وَقَالُوا: لَا صُلْحَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: تَعْبُرُونَ إِلَيْنَا أَوْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ؟ فَقَالَ رُسْتُمُ: بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ. فَاسْتَأْخَرَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى عَبَرُوا، فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ فَهَزَمُوهُمْ.

وَذَكَرَ سَيْفٌ أَنَّ سَعْدًا كَانَ بِهِ عِرْقُ النَّسَا يَوْمَئِذٍ، وَأَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ وَتَلَى قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: ١٠٥] . وَصَلَّى بِالنَّاسِ الظَّهْرَ، ثُمَّ كَبَّرَ أَرْبَعًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>