أَنَّ يُوَاعِدَهُ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَمَكَانٍ مَعْلُومٍ، وَكَانَ هَذَا مِنْ أَكْبَرِ مَقَاصِدِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ; أَنْ يُظْهِرَ آيَاتِ اللَّهِ وَحُجَجَهُ وَبَرَاهِينَهُ جَهْرَةً بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَلِهَذَا قَالَ: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} [طه: ٥٩] وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ، وَمُجْتَمَعٍ لَهُمْ {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: ٥٩] أَيْ; مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فِي وَقْتِ اشْتِدَادِ ضِيَاءِ الشَّمْسِ، فَيَكُونُ الْحَقُّ أَظْهَرَ وَأَجْلَى. وَلَمْ يَطْلُبْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَيْلًا فِي ظَلَامٍ، كَيْمَا يُرَوِّجُ عَلَيْهِمْ مِحَالًا وَبَاطِلًا، بَلْ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ نَهَارًا جَهْرَةً لِأَنَّهُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ رَبِّهِ، وَيَقِينٍ أَنَّ اللَّهَ سَيُظْهِرُ كَلِمَتَهُ وَدِينَهُ وَإِنْ رَغِمَتْ أُنُوفُ الْقِبْطِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى - قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى - فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى - قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى - فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} [طه: ٦٠ - ٦٤]
[طه: ٦٠ - ٦٤] . يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ ذَهَبَ، فَجَمَعَ مَنْ كَانَ بِبِلَادِهِ مِنَ السَّحَرَةِ، وَكَانَتْ بِلَادُ مِصْرَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَمْلُوءَةً سَحَرَةً، فُضَلَاءَ، فِي فَنِّهِمْ غَايَةٌ فَجَمَعُوا لَهُ مَنْ كُلِّ بَلَدٍ، وَمِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَاجْتَمَعَ مِنْهُمْ خُلُقٌ كَثِيرٌ وَجَمُّ غَفِيرٌ. فَقِيلَ: كَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ. وَقِيلَ: سَبْعِينَ أَلْفًا. قَالَهُ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ وَقَالَ السُّدِّيُّ: بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ: تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute