للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارْفَضُّوا عَنْهُ فَلَمْ يَبْقَ مَعَ مَالِكٍ إِلَّا مِائَةُ رَجُلٍ، فَكَتَبَ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ يُخْبِرُهُ بِأَمْرِ النُّعْمَانِ، فَنَدَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ إِلَى إِغَاثَةِ مَالِكِ بْنِ كَعْبٍ، فَتَثَاقَلُوا عَلَيْهِ وَنَكَلُوا، وَلَمْ يُجِيبُوا إِلَى الْخُرُوجِ فَخَطَبَهُمْ عَلِيٌّ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، كُلَّمَا سَمِعْتُمْ بِمِنْسَرٍ مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ قَدْ أَظَلَّكُمُ، انْجَحَرَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ فِي بَيْتِهِ، وَغَلَّقَ عَلَيْهِ بَابَهُ، انْجِحَارَ الضَّبِّ فِي جُحْرِهِ، وَالضَّبُعِ فِي وِجَارِهِ، الْمَغْرُورُ وَاللَّهِ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، وَمَنْ فَازَ بِكُمْ فَازَ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ، لَا أَحْرَارٌ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَلَا إِخْوَانٌ ثِقَةٌ عِنْدَ النَّجَاءِ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مَاذَا مُنِيتُ بِهِ مِنْكُمْ؟ عُمْيٌ لَا تُبْصِرُونَ، وَبُكْمٌ لَا تَنْطِقُونَ، وَصُمٌّ لَا تَسْمَعُونَ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَدَهَمَهُمُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي أَلْفَيْ مُقَاتِلٍ، وَلَيْسَ مَعَ مَالِكِ بْنِ كَعْبٍ إِلَّا مِائَةُ رَجُلٍ قَدْ كَسَرُوا جُفُونَ سُيُوفِهُمْ، وَاسْتَقْتَلُوا أُولَئِكَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُمْ نَجْدَةٌ مِنْ جِهَةِ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ مَعَ ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ فِي خَمْسِينَ رَجُلًا، فَلَمَّا رَآهُمُ الشَّامِيُّونَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مَدَدٌ عَظِيمٌ، فَفَرُّوا هِرَابًا عَلَى وُجُوهِهِمْ، فَاتَّبَعَهُمْ مَالِكُ بْنُ كَعْبٍ فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَنْفُسٍ، وَذَهَبَ الْبَاقُونَ لَا يَلْوُونَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>