قَدْ - دَنَا الْفِصْحُ فَالْوَلَائِدُ يَنْظِمْ ... نَ سِرَاعًا أَكِلَّةَ الْمَرْجَانِ
قَالَ: هَذَا لِابْنِ الْفُرَيْعَةِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فِينَا وَفِي مُلْكِنَا وَفِي مَنَازِلِنَا بِأَكْنَافِ غُوطَةِ دِمَشْقَ. قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ: بَكِّينَنِي. فَوَضَعْنَ عِيدَانَهُنَّ وَنَكَّسْنَ رُءُوسَهُنَّ وَقُلْنَ:
تَنَصَّرَتِ الْأَشْرَافُ مِنْ عَارِ لَطْمَةٍ ... وَمَا كَانَ فِيهَا لَوْ صَبَرْتُ لَهَا ضَرَرْ
تَكَنَّفَنِي فِيهَا لَجَاجٌ وَنَخْوَةٌ ... وَبِعْتُ بِهَا الْعَيْنَ الصَّحِيحَةَ بِالْعَوَرْ
فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي وَلَيْتَنِي ... رَجَعْتُ إِلَى الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ عُمَرْ
وَيَا لَيْتَنِي أَرْعَى الْمَخَاضَ بِقَفْرَةٍ ... وَكُنْتُ أَسِيرًا فِي رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ
وَيَا لَيْتَ لِي بِالشَّامِ أَدْنَى مَعِيشَةٍ ... أُجَالِسُ قَوْمِي ذَاهِبَ السَّمْعِ وَالْبَصَرْ
أَدِينُ بِمَا دَانُوا بِهِ مِنْ شَرِيعَةٍ ... وَقَدْ يَصْبِرُ الْعَوْدُ الْكَبِيرُ عَلَى الدَّبَرْ
قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ بِدُمُوعِهِ، وَبَكَيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتَدْعَى بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ هِرَقْلِيَّةٍ، فَقَالَ: خُذْ هَذِهِ فَأَوْصِلْهَا إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ. وَجَاءَ بِأُخْرَى فَقَالَ: خُذْ هَذِهِ لَكَ. فَقُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، وَلَا أَقْبَلُ مِنْكَ شَيْئًا وَقَدِ ارْتَدَدْتَ عَنِ الْإِسْلَامِ. فَيُقَالُ: إِنَّهُ أَضَافَهَا إِلَى الَّتِي لِحَسَّانَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ هِرَقْلِيَةٍ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَبْلِغْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنِّي السَّلَامَ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ. فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ أَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُ، فَقَالَ: وَرَأَيْتَهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَبْعَدَهُ اللَّهُ، تَعَجَّلَ فَانِيَةً بِبَاقِيَةٍ، فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَمَا الَّذِي وَجَّهَ بِهِ لِحَسَّانَ؟ قُلْتُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute