اسْتَخْلَفَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَيَرْكَبُ الْحِمَارَ وَيَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: الطَّرِيقَ، قَدْ جَاءَ الْأَمِيرُ. يَعْنِي نَفْسَهُ، وَكَانَ يَمُرُّ بِالصِّبْيَانِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ بِاللَّيْلِ لُعْبَةَ الْأَعْرَابِ، فَلَا يَشْعُرُونَ بِهِ حَتَّى يُلْقِي نَفْسَهُ بَيْنَهُمْ وَيَضْرِبُ بِرِجْلَيْهِ كَأَنَّهُ مَجْنُونٌ، فَيَفْزَعُ الصِّبْيَانُ مِنْهُ وَيَفِرُّونَ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ: وَرُبَّمَا دَعَانِي أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى عَشَائِهِ بِاللَّيْلِ، فَيَقُولُ: دَعِ الْعِرَاقَ لِلْأَمِيرِ - يَعْنِي قِطَعَ اللَّحْمِ - قَالَ: فَأَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ ثَرِيدٌ بِزَيْتٍ.
وَقَالَ أَبُو الزُّعَيْزِعَةِ كَاتِبُ مَرْوَانَ: بَعَثَ مَرْوَانُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ بَعْثَ إِلَيْهِ: إِنِّي غَلِطْتُ وَلَمْ أُرِدْكَ بِهَا، وَإِنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ غَيْرَكَ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَدْ أَخْرَجْتُهَا، فَإِذَا خَرَجَ عَطَائِي فَخُذْهَا مِنْهُ. وَكَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِهَا. وَإِنَّمَا أَرَادَ مَرْوَانُ اخْتِبَارَهُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ إِذَا أَعْطَى أَبَا هُرَيْرَةَ سَكَتَ، وَإِذَا أَمْسَكَ عَنْهُ تَكَلَّمَ.
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ جَاءَهُ شَابٌّ فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنِّي أَصْبَحْتُ صَائِمًا، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي، فَجَاءَنِي بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأَكَلْتُ نَاسِيًا. فَقَالَ: طُعْمَةٌ أَطْعَمَكَهَا اللَّهُ، لَا عَلَيْكَ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ دَارًا لِأَهْلِي فَجِيءَ بِلَبَنِ لَقْحَةٍ، فَشَرِبْتُهُ نَاسِيًا. قَالَ: لَا عَلَيْكَ. قَالَ: ثُمَّ نِمْتُ، فَاسْتَيْقَظْتُ، فَشَرِبْتُ مَاءً - وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute