للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَعَلَتْ أَسْقَامُهَا تَعْتَادُهَا ... فَهِيَ زُرُوعٌ قَدْ دَنَا حَصَادُهَا

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ نَعَى إِلَيَّ نَفْسِي.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ السَّهْمِيِّ، حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، أَنَّ آخِرَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ أَنْ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي مِنْ زَرْعٍ قَدِ اسْتَحْصَدَ، وَإِنِّي قَدْ وَلِيتُكُمْ، وَلَنْ يَلِيَكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي إِلَّا مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي، كَمَا كَانَ مَنْ وَلِيَكُمْ قَبْلِي خَيْرًا مِنِّي، وَيَا يَزِيدُ، إِذَا وَفَى أَجْلِي فَوَلِّ غُسْلِي رَجُلًا لَبِيبًا ; فَإِنَّ اللَّبِيبَ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ، فَلْيُنْعِمِ الْغُسْلَ وَلْيَجْهَرْ بِالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ اعْمِدْ إِلَى مَنْدِيلٍ فِي الْخِزَانَةِ فِيهِ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُرَاضَةٌ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ، فَاسْتَوْدِعِ الْقُرَاضَةَ أَنْفِي وَفَمِي وَأُذُنَيَّ وَعَيْنَيَّ، وَاجْعَلِ الثَّوْبَ يَلِي جِلْدِي دُونَ أَكْفَانِي، وَيَا يَزِيدُ، احْفَظْ وَصِيَّةَ اللَّهِ فِي الْوَالِدَيْنِ، فَإِذَا أَدْرَجْتُمُونِي فِي جَرِيدَتِي، وَوَضَعْتُمُونِي فِي حُفْرَتِي فَخَلُّوا مُعَاوِيَةَ وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ جَعَلَ يَقُولُ:

لَعَمْرِي لَقَدْ عُمِّرْتُ فِي الدَّهْرِ بُرْهَةً ... وَدَانَتْ لِيَ الدُّنْيَا بِوَقْعِ الْبَوَاتِرِ

وَأُعْطِيتُ حُمْرَ الْمَالِ وَالْحُكْمَ وَالنُّهَى ... وَسِلْمَ قَمَاقِيمِ الْمُلُوكِ الْجَبَابِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>