للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ ابْنُهُ يَزِيدُ غَائِبًا، فَصَلَّى عَلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، ثُمَّ دُفِنَ فَقِيلَ: بِدَارِ الْإِمَارَةِ. وَهِيَ الْخَضْرَاءُ، وَقِيلَ: بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ عُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ ثَمَانِيًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: جَاوَزَ الثَّمَانِينَ. وَهُوَ الْأَشْهَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَكِبَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ فِي جَيْشٍ، وَخَرَجَ لِيَتَلَقَّى يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ يَزِيدُ بِحُوَّارِينَ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى ثَنِيَّةِ الْعُقَابِ تَلَقَّتْهُمْ أَثْقَالُ يَزِيدَ، وَإِذَا يَزِيدُ رَاكِبٌ عَلَى بُخْتِيٍّ وَعَلَيْهِ الْحُزْنُ ظَاهِرٌ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ النَّاسُ بِالْإِمَارَةِ، وَعَزَّوْهُ فِي أَبِيهِ، وَهُوَ يَخْفِضُ صَوْتَهُ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِمْ، وَالنَّاسُ صَامِتُونَ لَا يَتَكَلَّمُ مَعَهُ إِلَّا الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، فَانْتَهَى إِلَى بَابِ تُومَاءَ، فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَدْخُلُ مِنْهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَجَازَهُ مَعَ السُّورِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَابِ الشَّرْقِيِّ، فَقِيلَ: يَدْخُلُ مِنْهُ. لِأَنَّهُ بَابُ خَالِدٍ، فَجَازَهُ حَتَّى أَتَى الْبَابَ الصَّغِيرَ، فَعَرَفَ النَّاسُ أَنَّهُ قَاصِدٌ قَبْرَ أَبِيهِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَابِ الصَّغِيرِ تَرَجَّلَ عِنْدَ الْمَقْبَرَةِ، ثُمَّ دَخَلَ، فَصَلَّى عَلَى أَبِيهِ بَعْدَ مَا دُفِنَ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْمَقْبَرَةِ أَتَى بِمَرَاكِبِ الْخِلَافَةِ، فَرَكِبَ، ثُمَّ دَخَلَ الْبَلَدَ، وَأَمَرَ فَنُودِيَ فِي النَّاسِ أَنِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. وَدَخَلَ الْخَضْرَاءَ، فَاغْتَسَلَ وَلَبِسَ ثِيَابًا حَسَنَةً، ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ النَّاسَ أَوَّلَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَنَاءِ عَلَيْهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ، أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَبَضَهُ إِلَيْهِ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَدُونَ مَنْ قَبْلَهُ، وَلَا أُزَكِّيهِ عَلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، هُوَ أَعْلَمُ بِهِ، إِنْ عَفَا عَنْهُ فَبِرَحْمَتِهِ، وَإِنْ عَاقَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>