للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتَّخَذَ نَفْسَهُ عَدُوَّهُ، امْرَأً حَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْحِسَابُ إِلَى غَيْرِهِ، امْرَأً نَظَرَ إِلَى مِيزَانِهِ، امْرَأً نَظَرَ إِلَى حِسَابِهِ، امْرَأً وَزَنَ عَمَلَهُ، امْرَأً فَكَّرَ فِيمَا يَقْرَأُ غَدًا فِي صَحِيفَتِهِ، وَيَرَاهُ فِي مِيزَانِهِ، وَكَانَ عِنْدَ قَلْبِهِ زَاجِرًا، وَعِنْدَ هَمِّهِ آمِرًا، امْرَأً أَخَذَ بِعِنَانِ عَمَلِهِ كَمَا يَأْخُذُ بِعِنَانِ جَمَلِهِ، فَإِنْ قَادَهُ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَبِعَهُ وَإِنْ قَادَهُ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَفَّ، امْرَأً عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ، امْرَأً فَاقَ وَاسْتَفَاقَ وَأَبْغَضَ الْمَعَاصِيَ وَالنِّفَاقَ، وَكَانَ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْأَشْوَاقِ.

فَمَا زَالَ يَقُولُ امْرَأً امْرَأً. حَتَّى بَكَى مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ مَا سَبَقَهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ; يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَى الدُّنْيَا الْفَنَاءَ، وَعَلَى الْآخِرَةِ الْبَقَاءَ، فَلَا فَنَاءَ لِمَا كُتِبَ عَلَيْهِ الْبَقَاءُ، وَلَا بَقَاءَ لِمَا كُتِبَ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ، فَلَا يَغُرَنَّكُمْ شَاهِدُ الدُّنْيَا عَنْ غَائِبِ الْآخِرَةِ، وَاقْهَرُوا طُولَ الْأَمَلِ بِقِصَرِ الْأَجَلِ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ: وَقَذَتْنِي كَلِمَةٌ سَمِعْتُهَا مِنَ الْحَجَّاجِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ: إِنَّ امْرَأً ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ عُمْرِهِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ لَحَرِيٌّ أَنْ تَطُولَ عَلَيْهَا حَسْرَتُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَقَالَ شَرِيكٌ الْقَاضِي، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا: مَنْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ أَعْطَيْنَاهُ عَلَى قَدْرِهِ. فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي فَإِنِّي قَتَلْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>