وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفَدَ إِلَيْهِ الشُّعَرَاءُ فَمَكَثُوا بِبَابِهِ أَيَّامًا لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِمْ، فَسَاءَهُمْ ذَلِكَ وَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَمَرَّ بِهِمْ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُرْخِي عِمَامَتَهُ ... هَذَا زَمَانُكَ فَاسْتَأْذِنْ لَنَا عُمَرَا
فَدَخَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ أَمْرِهِمْ شَيْئًا، فَمَرَّ بِهِمْ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ مُنْشِدًا:
يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتَهُ ... هَذَا زَمَانُكَ إِنِّي قَدْ مَضَى زَمَنِي
أَبْلِغْ خَلِيفَتَنَا إِنْ كُنْتَ لَاقِيَهُ ... أَنِّي لَدَى الْبَابِ كَالْمَصْفُودِ فِي قَرَنِ
لَا تَنْسَ حَاجَتَنَا لَاقَيْتَ مَغْفِرَةً ... قَدْ طَالَ مُكْثِيَ عَنْ أَهْلِي وَعَنْ وَطَنِي
فَدَخَلَ عَدِيٌّ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الشُّعَرَاءُ بِبَابِكَ، وَسِهَامُهُمْ مَسْمُومَةٌ، وَأَقْوَالُهُمْ نَافِذَةٌ. فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا عَدِيُّ! مَالِي وَلِلشُّعَرَاءِ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَسْمَعُ الشِّعْرَ وَيَجْزِي عَلَيْهِ، وَقَدْ أَنْشَدَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ مَدْحَهُ، فَأَعْطَاهُ حُلَّةً. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتَرْوِي مِنْهَا شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَنْشَدَهُ:
رَأَيْتُكَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا ... نَشَرْتَ كِتَابًا جَاءَ بِالْحَقِّ مُعْلَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute