للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْشَدَ أَبُو نُوَاسٍ أَيْضًا:

يَا سَاحِرَ الْمُقْلَتَيْنِ وَالْجِيدِ ... وَقَاتِلِي مِنْكَ بِالْمَوَاعِيدِ

تُوعِدُنِي الْوَصْلَ ثُمْ تُخْلِفُنِي ... فَوَابَلَائِي مِنْ خُلْفِ مَوْعُودِي

حَدَّثَنِي الْأَزْرَقُ الْمُحَدِّثُ عَنْ ... شَمْرٍ وَعَوْفٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودِ

مَا يُخْلِفُ الْوَعْدَ غَيْرُ كَافِرَةٍ ... وَكَافِرٍ فِي الْجَحِيمِ مَصْفُودِ

فَبَلَغَ ذَلِكَ إِسْحَاقَ بْنَ يُوسُفَ الْأَزْرَقَ فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ عَلَيَّ، وَعَلَى التَّابِعِينِ، وَعَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَعَنْ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا نُوَاسٍ فِي مَجْلِسِ أَبِي يَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا فَقُلْتُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُعَذِّبَكَ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا الْبُكَاءِ أَبَدًا. فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

لَمْ أَبْكِ فِي مَجْلِسِ مَنْصُورِ ... شَوْقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْحُورِ

وَلَا مِنَ الْقَبْرِ وَأَهْوَالِهِ ... وَلَا مِنَ النَّفْخَةِ فِي الصُّورِ

وَلَا مِنَ النَّارِ وَأَغْلَالِهَا ... وَلَا مِنَ الْخُذْلَانِ وَالْجُورِ

لَكِنْ بُكَائِي لِبُكَا شَادِنٍ ... تَقِيهِ نَفْسِي كُلَّ مَحْذُورِ

ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا بَكَيْتُ لِبُكَاءِ هَذَا الْأَمْرَدِ الَّذِي إِلَى جَانِبِ أَبِيكَ، وَكَانَ صَبِيًّا حَسَنَ الصُّورَةِ، يَسْمَعُ الْوَعْظَ فَيَبْكِي خَوْفًا مِنَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>