للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكْفِيَكَ حَرْبًا

وَيَجْمَعَنَا كَمَا تَهْوَى الْقُلُوبُ

فَضَمَّهَا إِلَيْهِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ مُتَمَثِّلًا:

فَيَا حُسْنَهَا إِذْ يَغْسِلُ الدَّمْعُ كُحْلَهَا ... وَإِذْ هِيَ تَذْرِي الدَّمْعَ مِنْهَا الْأَنَامِلُ

صَبِيحَةَ قَالَتْ فِي الْعِتَابِ قَتَلْتَنِي ... وَقَتْلِي بِمَا قَالَتْ هُنَاكَ تُحَاوِلُ

ثُمَّ أَمَرَ مَسْرُورًا الْخَادِمَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا وَالِاحْتِفَاظِ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ، ثُمَّ قَالَ: نَحْنُ كَمَا قَالَ الْأَخْطَلُ:

قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ ... دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ

ثُمَّ وَدَّعَهَا وَسَارَ فَمَرِضَتِ الْجَارِيَةُ فِي غَيْبَتِهِ هَذِهِ، وَمَاتَ الْمَأْمُونُ أَيْضًا، فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُهُ إِلَيْهَا تَنَفَّسَتِ الصُّعَدَاءَ وَحَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ، وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ وَهِيَ فِي السِّيَاقِ:

إِنَّ الزَّمَانَ سَقَانَا مِنْ مَرَارَتِهِ ... بَعْدَ الْحَلَاوَةِ أَنْفَاسًا فَأَرْوَانَا

أَبْدَى لَنَا تَارَةً مِنْهُ فَأَضْحَكَنَا ... ثُمَّ انْثَنَى تَارَةً أُخْرَى فَأَبْكَانَا

إِنَّا إِلَى اللَّهِ فِيمَا لَا يَزَالُ بِنَا ... مِنَ الْقَضَاءِ وَمِنْ تَلْوِينِ دُنْيَانَا

دُنْيَا تَرَاهَا تُرِينَا مِنْ تَصَرُّفِهَا ... مَا لَا يَدُومُ مُصَافَاةً وَأَحْزَانَا

وَنَحْنُ فِيهَا كَأَنَّا لَا يُزَايِلُنَا ... لِلْعَيْشِ أَحْيَاؤُنَا يَبْكُونَ مَوْتَانَا

<<  <  ج: ص:  >  >>