للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي)]

قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص:٧٤].

هذه الآية بنفسها تقدّمت معنا بالأمس قبل آيات مضت، وكررت هنا لزيادة التوبيخ والتقريع، وجاءت بعد تعداد نعم الله وقدرته من خلق الليل والنهار، واستراحة الناس في الليل وسكونهم، وضرب الناس في النهار وعملهم وتجارتهم وزراعتهم، فعاد فقال لهؤلاء المشركين عقب كل ذلك: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} [القصص:٧٤] أي: ينادي الله أو تنادي ملائكته عن أمر الله.

قال تعالى: {فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص:٧٤].

أي: أين الذين زعمتموهم شركاء لله في ملكه وفي قدرته، هل يستطيعون خلقاً أو ملكاً أو اختياراً؟ هل يستطيعون خلق ليل أو خلق نهار؟ كلهم أعجز من ذلك! إذاً: لماذا لم يغيثوكم ولم ينقذوكم من عذاب الله ولعنته؟ فكل هذا يُقال في الدنيا لمن يسمع من الكفار علّه يتوب ويئوب، ويقول: رب اغفر لي قبل أن يموت.

وفي هذا المعنى يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شُغلك، وحياتك قبل موتك).

وإلا ضاعت على الإنسان حياته في البرزخ، فهي الطريق للآخرة، والمدرسة التي من نجح فيها أخذ كتابه وشهادته بيمينه يوم القيامة فكان من الناجحين والفائزين، والذي لم ينجح فيها إذ لم يوحّد الله ويعبده يأخذ يوم القيامة شهادة الخسران والرسوب بشماله فيدخل النار مع الداخلين.