للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم)]

قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم:٢٢].

لا نزال نتتبع آيات الله جل جلاله في دلائل قدرته ووحدانيته، وفي نسق الآيات الكريمات خطاب للعقل والفهم والوعي، ولا يعرض عنها إلا من فقد دينه وعقله وفهمه ووعيه وإدراكه.

ومن آيات الله وعلامات قدرته ومعجزات بيانه ومخاطبته لقوم عالمين سامعين أن الله جل جلاله خاطب الناس بلغة عقولهم وبفهمهم، فلفت الأنظار بقوله: (ومن آياته) أي: ألا يرون هذه الآيات فيتساءلون: من خلق السماوات والأرض؟ ومن الذي يستطيع خلق هذا؟ فهذه السماء في علوها، والكواكب وأفلاكها وما فيها من خلق، أطت السماء من أجل ذلك وحق لها أن تئط، ومن الذي يستطيع خلق هذه الأرض بما عليها من جبال راسيات، وبحار جاريات، وخلق الخلق من كل لون وشكل جناً وإنساً، وطيراً وحيواناً؟ فمن الذي يستطيع رزقهم والقيام عليهم، وإحياء من يحيا وإماتة من يموت؟ وهذه الألسن المختلفات من عرب وعجم إلى مختلف لغات الأرض ولهجاتها، كيف لا يشبه بعضها بعضاً؟ واختلاف الألوان من أبيض وأصفر وأحمر وأسود، من خلقها ونوعها؟ إنه الله جل جلاله.

هذا خلق الله فأروني ماذا خلق العباد؟ وهم يكادون يعجزون حتى عن فهم خلق الله وقدرة الله وآياته المنوعة.

وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم:٢٢]، قرئ (العالَمين) والعالِم من علم ما جهل، وعمل بما علم، والعالِمون هم العارفون بالله وبقدرته وآياته ومعجزاته وأنبيائه ورسله وكتبه.