للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وبدا لهم سيئات ما كسبوا)]

قال تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} [الزمر:٤٨].

أي: ظهر لهم ما كانوا يظنونه من أعمال صالحة، أنها أصبحت سيئات وضلالات، وبدا لهم أنه شرك ووثنية، وأنه لا ينفعهم بل ضرهم.

قال تعالى: {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} أي: كانوا يستهزئون ويتضاحكون من المؤمنين والصالحين، ومن أنبياء الله المرسلين، ومن كتب الله المنزلة عليهم، وكانوا يقابلون كل ذلك بالهزء والسخرية، وعلى أنه كلام ملفق ودعاوى من هؤلاء، ولم يكونوا مرسلين ولا أنبياء، والكلام كلامهم، والكتب قولهم، أعانهم عليها قوم آخرون، فبقوا على هذا الضلال وعلى هذا الكفران إلى أن ماتوا وهلكوا ودمروا وأصبحوا جيفاً منتنة، وعندما أعيدوا وبعثوا ورأوا ما لم يكن يخطر لهم ببال، وما لم يكن يحتسبونه، وما كانوا يحسبونه صالحاً؛ بدا لهم أنه سيئات وذنوب ومعاص ومخالفات لله ولرسله، ولورثتهم من العلماء والصالحين والدعاة إلى الله، فأحاطت بهم سيئاتهم إحاطة السوار بالمعصم.

فقوله: (ما كانوا) أي: الذي كانوا به يستهزئون ويسخرون، ويتضاحكون.

فقوله: {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} [الزمر:٤٨] أي: أحاط بهم الذي كانوا يستهزئون به، ويتضاحكون منه، وهكذا طال كفرهم خبثهم إلى أن وقعوا في هاوية خبثهم وكفرهم وضلالهم وبعدهم عن الله، ووجدوا ما كانوا يهزءون به أنه هو الحق الصراح وأنه هو الحق الذي لا حق سواه.