للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله تعالى: (إلا بالحق)]

قوله: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الروم:٨].

فلم يخلق ذلك إلا بحق وعلى حق، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦]، فالعبرة والغاية من خلق هذا العالم أن نعبد الله، فإذا خرجنا ولم نعبده فلم حياتنا؟ ولم وجودنا؟ ولم نضيّق على عباد الله المحتاجين؟ فموت هذا الذي لا يعبد خير من حياته، فعيشته في الأرض سبهللاً، فحياته إنما تكون حجة عليه في عذابه ومحنته وانتقام الله منه.

وما سخر الله هذه الأكوان إلا لهذا الإنسان العاقل، فأباح له ما في الأجواء وما في البحار وما على البراري وما بينهما، فكان سيد الأرض وخليفة الله في الأرض، والله عندما أراد خلق آدم أبينا قال لملائكته: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:٣٠]، وقال لداود نبي الله: {إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} [ص:٢٦].

فالإنسان خليفة الله في الأرض يحكم بحكمه، فإذا خرج عن العدل زاغ وضل واستحق العقوبة، وما هذه الأرزاق التي يمتع بها إلا له، فإن حمد الله عليها زيدت عليه وزاده الله الجنة، وإن كفر بها انتزعها فعذبه الله في النار دواماً وسرمداً، فلم يخلقه إلا بالحق وللحق وللعدل، وبالحق نزل القرآن، وبالحق أرسلت الرسل، وبالحق خلق الإنسان، ولعبادة الله خلق.