للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون)]

ووقع التنويه بالمؤمنين في سورة المؤمنين من البداية، وذكرت الآيات العشر صفات المؤمنين الذين هم مؤمنون حقاً منذ البداية، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:١] (قد): حرف تحقيق وتأكيد، وكانت تكفي: {أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:١] فأفلح: فعل ماضي دل على أن فلاح المؤمنين قد تم عندما يتخلقون ويتحلون بهذه الأخلاق والنعوت والصفات، ولكن الله جل جلاله أكد هذا المعنى من الفلاح والفوز والظفر بالجنة ودخولها حققه وأكده بأداة (قد)، وما دخلت (قد) على فعل ماضي إلا حققت معناه ومفهومه، ومعنى: قد قامت الصلاة، أي: قد فرض الله قيامها وأوجبه على كل إنسان، ولا تقبل إلا من مؤمن.

فالإيمان شرط صحة في عمل العبادات والقيام بها، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:١] أي: حقاً وتأكيداً أن المؤمنين قد أفلحوا، والفلاح: هو الظفر والسعد والحظ والنجاح، أي: أن المؤمنين في دنياهم بعد أن تعبوا عبادة وسهراً وعملاً بالحلال وتركاً للحرام، وتعبوا التزاماً بما أمر الله به من أنواع العبادات، وقاموا لله متهجدين والناس نيام، ويقولون: يا رب وهم يسجدون ويركعون، ويضرعون ويخنعون، فهؤلاء عندما يذهبون إلى ربهم يكونون قد نجحوا في عملهم، وفازوا وسعدوا بوراثة الجنة خالصة لهم من دون الناس.