للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء)]

قال تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [سبأ:٣٦]: أي: قل يا محمد {إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [سبأ:٣٦].

فالله تعالى يبسط الرزق ويوسع للإنسان في الأموال والخدم والحشم والأولاد.

ويقدر: أي: على البعض المال، فيقدر عليه ويقلل ماله ويكون هذا في صالح الفقير أفضل وأكرم، وإلا كان يمكن أن يغني هذا الفقير فإذا به ينسى الله فيكون الغنى عليه عذاباً.

نعلم الكثير من زملائنا عندما كنا أطفالاً في المدارس كانوا على غاية من الفقر والحاجة، ثم كبرنا وكبروا وتولوا مناصب في السفارات والوزارات والزعامات، وتمولوا العقارات أرضاً ودياراً، وكثر حشمهم وكثرت أولادهم.

فعندما كانوا فقراء صغاراً كانوا يعطون ويتصدقون ولو بقليل، وكانوا لا يتركون الصلوات الخمس، وكانوا يخافون الله ويهابونه، ولا يرتكبون الكبائر، وإذا بهم عندما استغنوا وأصبحوا قادة وزعماء نسوا الله، فتركوا الصلاة والصيام وكثرت فواحشهم.

وهكذا بلي هؤلاء بالمال والجاه، وإذا بهم يضلون بها ويفسقون، ويمنعون الفقير والمسكين حقه، ويتخذونها عوناً على سوء أعمالهم، وعونا للكفر ونشر الفواحش.

كانوا يقولون بالإسلام عقيدة ونظاماً ودولة، حتى إذا حكموا تنكروا لذلك، فحكموا بقوانين الشيطان، ونشروا الفواحش والخمور، ونشروا الفساد والعري والتبرج، وما عادوا يخافون الله من فوقهم ولا من يراهم، وكما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت).

فالغنى ابتلاء واختبار، فقد ابتليتم واختبرتم فرسبتم ولم تنجحوا.

قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [سبأ:٣٦]: أكثر الناس يجهلون الحق ولا يعلمون الدين، فلا يؤمنون بالرسل، ولا يؤمنون بالكتب، ولا يطيعون الله، فما قالوا يوماً: ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين، ومع هذا لم يتركوا بلا نذارة ولا بشارة، بل أرسلت إليهم الرسل فسمعوا وما وعوا، وعلموا وما تعلموا، فرض عليهم فلم يفترضوا، وهكذا ما زادهم ذلك إلا ضلالاً وإيغالاً في الكفر والنفاق.