للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ذلك بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم)]

قال تعالى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر:١٢] أي: سبب عدم العودة والخروج من النار، وسبب عدم الرجوع إلى دار الدنيا، ((ذَلِكُمْ)) (ذا) اسم إشارة، (كم) للمخاطبين الجماعة وهم سكان النار.

{ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر:١٢].

ومعنى ذلك أنكم كنتم -وهذا ناتج من فساد قلوبكم- إذا دعي وعبد الله، وإذا ذكر الله وحده كفرتم بذلك، وكفرتم بالله الواحد الخالق الرازق المحيي المميت.

((وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا)) وإن سمعتم من يقول: إن الله ثالث ثلاثة، وإذا سمعتم من يقول: عزير ابن الله، وإذا سمعتم من يقول: نحن أبناء الله أعجبكم ذلك وسركم، وآمنتم به، فأشركتم مع المشركين، وكفرتم مع الكافرين.

فإذا ذكر اسم الله، وإذا وحد الله نفرت قلوبهم واشمأزت، وكفرت وتعالت على الله.

((وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)) أي: دعي الذين من دونه من المشركين ((إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ))، وهذا يقال لهم يوم القيامة، وقد قيل في الدنيا.

((ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ))، فهو الحاكم الأبدي، وهو الحاكم العادل، فلا حاكم معه، ولا شريك له، فهو العلي الكبير، العلي الذي لا أعلى منه، والكبير الذي لا أكبر منه، وشعار المؤمن في كل حال: الله أكبر، فالله أكبر من كل كبير، وهو يقولها سواء مصلياً قائماً أو ساجداً وجالساً، وهو على كل اعتبار ينادى في الأذان: الله أكبر، وفي الإقامة: الله أكبر، وفي الصلاة في جميع حركتها.