للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم)]

قال تعالى: {وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [العنكبوت:١٨]: لا يزال إبراهيم يتكلم مع قومه ويقص الله علينا محاورته ودعوته لقومه، وأنه قال لهم: قد كذبت أمم من قبلكم، وكذب الكثيرون منهم، فلم تزيدوا أكثر من أن تلحقوا بهم، وتعاقبوا عقوبتهم.

ولذلك فليس من وظيفة النبي الهداية والتوفيق، وليس من وظيفة النبي أن يدخل الإسلام في قلوبكم وعقولكم.

قال تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [العنكبوت:١٨] فوظيفتي ووظيفة الأنبياء قبلي وبعدي أن أبلغكم دين الله، وأن أعلن دين التوحيد، وأن أدعوكم إلى عبادة الله الواحد، وأن تتركوا الأصنام والأوثان وما لا يضر ولا ينفع، وأما الهداية فليس عليَّ هداهم ولكن الله يهدي الله من يشاء، {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:٥٦].

قال الله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:٣] أي: لعلك يا محمد! مهلك نفسك على أن يؤمن بك قومك، فلم يطلب منك هذا وإنما طلب منك البلاغ كما طلب من الأنبياء قبلك.

فأمر أن يقول لقومه: إن كذبتموني وقلتم إنني كاذب ولست رسولاً من الله، فقد سبق أن كذبت الأمم قبلكم أنبياءهم، وليست وظيفتي الهداية ولكن وظيفتي أن أدعو الناس إلى الله بما أمرني به، وأن تتركوا عبادة الأوثان، وأن تتقوه وحده، فهو المحيي المميت، وهو الخالق الرازق.