للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضابط القتال في سبيل الله]

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٤].

أي: الذين قتلوا من المسلمين في سبيل الله لا لوطن أو لقوم أو لغنائم أو لإبراز شجاعة.

وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل حمية -أي: وطنية قومية- ويقاتل ليقال: شجاع وبطل، ويقاتل للغنائم، ويقاتل في سبيل الله، أيهم الذي إذا مات كان شهيداً أو في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).

وسبل الله كثيرة، فكما قال الإمام مالك: الدفاع عن الأطفال والمستضعفين من المؤمنين، ورفع الظلم، والدفاع عن الإسلام وعن وطنه وأحكامه، والدفاع عن كل ما يمت للمسلمين والإسلام بسبب، هو في سبيل الله، ومن مات في سبيل ذلك مات شهيداً، ودخل تحت قوله تعالى: {فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٤] أي: لن يبطل أعمالهم من صلاة وزكاة، وحج وأعمال صالحات، فهم في كل ذلك يجازون الجزاء الأوفى، ويدخلون الجنان؛ لأنهم الذين باعوا لله أرواحهم رخيصة، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة:١١١].

باعوا الأنفس لله، وكان الثمن الجنة، ويا سعد من باع، ويا سعد من قبل الثمن، على أن الكل ميت: من باع ومن لم يبع، ومهما طال بالمرء زمن وحياة، فهو ميت لا محالة، قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].