للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله تعالى: (ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون)]

هكذا زعم هؤلاء وكذبوا، فقال الله عنهم: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية:٢٤].

فهذا الذي قالوه قالوه عن غير علم، وعن غير فهم، وعن غير إدراك، وقالوه جهلاً واعتباطاً، فقالوا ما لا علم لهم به، ومن أظلم ممن يكذب على الحق، ويجعل من الباطل حقاً دون دليل ولا برهان ولا رجوع لمنطق من حق أو عقل أو نقل.

قال تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية:٢٤] فليسوا هم إلا ظانين و {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس:٣٦]، فالظن لا يقوم به حق، والظن لا يبنى عليه حق، والظن لا تقوم عليه السماوات والأرض، إن هو إلا وهم من الأوهام قد يكون وقد لا يكون، والظن بهذا الاعتبار إذا دخل العقائد أفسدها وحولها من إيمان إلى كفر.

فهؤلاء قالوا ما لم ينزل به كتاب ولم ينطق به عقل يعي ذلك ويفهمه، ولكنه أوهام توارثوها كما يتوارث أهل الباطل الباطل، وأهل الكفر والإلحاد الكفر والإلحاد.

فكفرة اليوم عندما يقولون هذا القول بعينه كما قاله أولئك يكونون قد عادوا إلى ظنون وأوهام وأباطيل ما أنزل الله بها من سلطان.