للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين)]

قال تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} [الدخان:٢٩].

أي: فذهبوا غير مأسوف عليهم، فما بكت عليهم سماء وما بكت عليهم أرض، أي: لم يبك عليهم أهل السماء، فالسماء لا تبكي، فهذه الآية كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:٨٢] أي: أهل القرية.

فلم يبك عليهم أهل السماء من ملائكة الله ولا أهل الأرض من أحباب الله من الجن ومن الإنس المؤمنين الصادقين، فلقوا جزاءهم ولقوا عقابهم، وذلك الشأن بهم، وهذا جزاء كل كافر بالله أله غير الله وعبد غير الله.

فالله تعالى بعد أن أرسل إليهم موسى وهارون، وبعد أن وضحت لهم الآيات البينات في تصديق موسى وهارون، فالله لم يمهلهم أكثر من ذلك، ولم يترك لهم زمناً ينتظرون فيه أكثر من ذلك؛ لأن حجة الله قد بانت، ونبيهم قد قال الحق بالدليل القاطع والبرهان الساطع، ومع كل ذلك أبوا إلا الخسران وأبوا إلا الجحود، وأبوا إلا العصيان لنبي الله جل جلاله وعز مقامه.

فقوله تعالى: ((فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ) أي: فلم يأسف لهلاكهم ولغرقهم وللانتقام منهم أهل السماء ولا أهل الأرض.

ولكل إنسان بابان في السماء: باب يصعد منه عمله، وباب ينزل منه رزقه، وينزل منه ما أمر به الملائكة في شأنه، فإذا مات الإنسان المؤمن فإن من في هذه الأبواب يبكون عليه ويتأسفون لموته ويدعون له، وإن كان غير مؤمن لم يبكوا عليه وقالوا: لقي جزاءه، كما قال نبي الله صلى الله عليه وعلى آله.