للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (وجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين)

قال تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرِينَ} [الزخرف:٥٦]، أي: فجعل الله ما فعله بـ فرعون وبقومه من نقمة وغرق -معاقباً لهم في دار الدنيا- سلفاً ومثلاً للآخرين ممن يمكن أن يأتي بعدهم وأن يكفر كفرهم ويعصي عصيانهم ويتمرد على نبيه، وفي ذلك إنذار لجزيرة العرب وللعجم ولكل من أرسل إليهم نبينا صلى الله عليه وسلم من مختلف أمم الأرض وشعوبها، وأنهم إذا خالفوا كما خالف قوم فرعون وفعلوا فعلهم وادعوا الألوهية الكاذبة لأصنام لهم وأوثان فسيقع عليهم ما وقع على أولئك.

والسلف: جمع سالف، أي: ماض وسابق، فالله جعلهم بعد قوم تقدموهم وسبقوهم في لعنة الله عليهم وعقوبته لهم بأن عاقبهم عقاب من يعصي نبيه ويخرج عن أمر ربه ويكفر بما أمر بالإيمان به ويؤمن بالكفر من كل كافر ومن كل وثني ومن كل مدع على الله ومفتر كاذب، فالله جعل فرعون وقومه سلفاً لقوم بعدهم وجعلهم سبقوا غيرهم ليعلم من يأتي بعدهم ويفعل فعلهم بأنه يعاقب عقابهم فيحذر ويخاف أن يحصل له ما حصل لمن سبقه من الكذبة الطغاة والفجرة الذين جعلهم الله سلفاً.

وذكر الله ذلك لقريش ثم لجميع العرب ثم لجميع شعوب الأرض بمختلف الملل واللغات فيما إذا خرجوا عن أمر نبينا عليه الصلاة والسلام وطاعة كتاب الله المنزل على نبينا ليعلموا أن لهم سلفاً ممن عوقب وانتقم منه كـ فرعون وقومه.